responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 162
الْوَضْعُ، وَجَنَاحُ الْإِنْسَانِ يَدُهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يَدَا الْإِنْسَانِ جَنَاحَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ [الْقَصَصِ: 32] وَخَفْضُ الْجَنَاحِ كِنَايَةٌ عَنِ اللِّينِ وَالرِّفْقِ وَالتَّوَاضُعِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَهَاهُ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى أُولَئِكَ الْأَغْنِيَاءِ مِنَ الْكُفَّارِ أَمَرَهُ بِالتَّوَاضُعِ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [الْمَائِدَةِ: 54] وَقَالَ فِي صِفَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29] .

[سورة الحجر (15) : الآيات 89 الى 91]
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ رَسُولَهُ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَخَفْضِ الْجَنَاحِ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَمَرَهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلْقَوْمِ: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ فَيَدْخُلُ تَحْتَ كَوْنِهِ نَذِيرًا، كَوْنُهُ مُبَلِّغًا لِجَمِيعِ التَّكَالِيفِ، لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ وَاجِبًا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ عِقَابٌ وَكُلَّ مَا كَانَ حَرَامًا تَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِهِ عِقَابٌ فَكَانَ الْإِخْبَارُ بِحُصُولِ هَذَا الْعِقَابِ دَاخِلًا تَحْتَ لَفْظِ النَّذِيرِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ أَيْضًا كَوْنُهُ شَارِحًا لِمَرَاتِبِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكَوْنِهِ مُبِينًا، وَمَعْنَاهُ كَوْنُهُ آتِيًا فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالْبَيَانَاتِ الشَّافِيَةِ وَالْبَيِّنَاتِ الْوَافِيَةِ، ثم قال بَعْدَهُ: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ وَفِيهِ بَحْثَانِ.
البحث الْأَوَّلُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ مَنْ هُمْ؟ وَفِيهِ أَقْوَالٌ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا طُرُقَ مَكَّةَ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقْرُبُ عَدَدُهُمْ مِنْ أَرْبَعِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانُوا سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلًا بَعَثَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، فَاقْتَسَمُوا عَقَبَاتِ مَكَّةَ وَطُرُقَهَا يَقُولُونَ لِمَنْ يَسْلُكُهَا لَا تَغْتَرُّوا بِالْخَارِجِ مِنَّا، وَالْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ مَجْنُونٌ، وَكَانُوا يُنَفِّرُونَ النَّاسَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ أَوْ كَاهِنٌ/ أَوْ شَاعِرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ خِزْيًا فَمَاتُوا شَرَّ مِيتَةٍ، وَالْمَعْنَى: أَنْذَرْتُكُمْ مِثْلَ مَا نَزَلَ بِالْمُقْتَسِمِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِمَ سَمَّاهُمْ مُقْتَسِمِينَ؟ فَقِيلَ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ آمَنُوا بِمَا وَافَقَ التَّوْرَاةَ وَكَفَرُوا بِالْبَاقِي. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لِأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ اسْتِهْزَاءً بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُورَةُ كَذَا لِي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُورَةُ كَذَا لِي. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حِبَّانَ: اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سِحْرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ شِعْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذِبٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: فِي تَفْسِيرِ الْمُقْتَسِمِينَ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُمْ قَوْمُ صَالِحٍ تَقَاسَمُوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ، فَرَمَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُمْ، فَعَلَى هذا الاقتسام مِنَ الْقَسْمِ لَا مِنَ الْقِسْمَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابن قتيبة.
البحث الثاني: أَنَّ قَوْلَهُ: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ يَقْتَضِي تَشْبِيهَ شَيْءٍ بِذَلِكَ فَمَا ذَلِكَ الشَّيْءُ؟
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الوجه الْأَوَّلُ: التَّقْدِيرُ: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست