responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 494
وَضَعُوهَا فِي رِحَالِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا الصُّوَاعُ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الصُّوَاعَ فِي رَحْلِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ فَلِهَذَا السَّبَبِ غَلَبَ عَلَى ظُنُونِهِمْ أَنَّهُ سَرَقَ، فَشَهِدُوا بِنَاءً على هذا الظن، ثم بينهم غَيْرُ قَاطِعِينَ بِهَذَا الْأَمْرِ بِقَوْلِهِمْ:
وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ أَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ فِي قَوْلِ الْمَلِكِ وَأَصْحَابِهِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ تَعَالَى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هُودٍ: 87] أَيْ عِنْدَ نَفْسِكَ، وَقَالَ تَعَالَى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدُّخَانِ: 49] أَيْ عِنْدَ نَفْسِكَ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا فَكَذَا هَاهُنَا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فِي الْجَوَابِ أَنَّ ابْنَكَ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا يُشْبِهُ السَّرِقَةَ وَمِثْلُ هَذَا الشَّيْءِ يُسَمَّى سَرِقَةً فَإِنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ أَحَدِ الشَّبِيهَيْنِ عَلَى الشَّبِيهِ الْآخَرِ جَائِزٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشُّورَى: 40] .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْقَوْمَ مَا كَانُوا أَنْبِيَاءَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ ذَكَرُوا هَذَا الْكَلَامَ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَازَفَةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ شَاهَدُوا شَيْئًا يُوهِمُ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا كَانَ يَقْرَأُ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ نُسِبَ إِلَى السَّرِقَةِ فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَا حَاجَةَ بِهَا إِلَى التَّأْوِيلِ لِأَنَّ الْقَوْمَ نَسَبُوهُ إِلَى السَّرِقَةِ، إِلَّا أَنَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أن أمثال هذه القراآت لَا تَدْفَعُ السُّؤَالَ، لِأَنَّ الْإِشْكَالَ إِنَّمَا يُدْفَعُ إِذَا قُلْنَا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى بَاطِلَةٌ، وَالْقِرَاءَةُ الْحَقَّةُ هِيَ هَذِهِ. أَمَّا إِذَا سَلَّمْنَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى حَقَّةٌ كَانَ الْإِشْكَالُ بَاقِيًا سَوَاءٌ صَحَّتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ أَوْ لَمْ تَصِحَّ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ/ أَمَّا قَوْلُهُ: وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا فَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ الْعِلْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَ الشَّهَادَةِ مُغَايِرَةً لِلْعِلْمِ
وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ،
وَذَلِكَ أيضا يقتضي ما ذكرناه وَلَيْسَتِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عِبَارَةً عَنْ قَوْلِهِ أَشْهَدُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ إِخْبَارٌ عَنِ الشَّهَادَةِ وَالْإِخْبَارُ عَنِ الشَّهَادَةِ غَيْرُ الشَّهَادَةِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الشَّهَادَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الْحُكْمِ الذِّهْنِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ بِكَلَامِ النَّفْسِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الصُّوَاعَ مِنْ رَحْلِهِ، وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْحَالِ فَغَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَنَا فَإِنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّه. وَالثَّانِي: قَالَ عِكْرِمَةُ مَعْنَاهُ: لَعَلَّ الصُّوَاعَ دُسَّ فِي مَتَاعِهِ بِاللَّيْلِ، فَإِنَّ الْغَيْبَ اسْمٌ لِلَّيْلِ عَلَى بَعْضِ اللُّغَاتِ. وَالثَّالِثُ: قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: وَمَا كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَكَ يَسْرِقُ، وَلَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا ذَهَبْنَا بِهِ إِلَى الْمَلِكِ وَمَا أَعْطَيْنَاكَ مَوْثِقًا مِنَ اللَّه فِي رَدِّهِ إِلَيْكَ. وَالرَّابِعُ:
نُقِلَ أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمْ: فَهَبْ أَنَّهُ سَرَقَ وَلَكِنْ كَيْفَ عَرَفَ الْمَلِكُ أَنَّ شَرْعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ مَنْ سَرَقَ يُسْتَرَقُّ، بَلْ أَنْتُمْ ذَكَرْتُمُوهُ لَهُ لِغَرَضٍ لَكُمْ
فَقَالُوا عِنْدَ هَذَا الْكَلَامِ: إِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا لَهُ هَذَا الْحُكْمَ قَبْلَ وُقُوعِنَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَمَا كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ نَقَعُ فِيهَا فَقَوْلُهُ: وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ مِنْ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْعَى فِي إِخْفَاءِ حُكْمِ اللَّه تَعَالَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
قُلْنَا: لَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مُسْلِمًا فَلِهَذَا أَنْكَرَ ذِكْرَ هَذَا الْحُكْمِ عِنْدَ الْمَلِكِ الَّذِي ظَنَّهُ كَافِرًا.
ثُمَّ حَكَى تَعَالَى عنهم أنهم قالوا: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست