responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 30
الْوَلَدِ لِلْإِلَهِ مَعَ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحَاجَةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ وَالْمُبَاضَعَةِ قَوْلٌ بَاطِلٌ، لَيْسَ عِنْدَ الْعَقْلِ مِنْهُ أَثَرٌ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [آلِ عمران: 167] وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَخْتَارُ مَذْهَبًا إِمَّا عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ وَإِمَّا عَلَى سَبِيلِ الرَّمْزِ وَالتَّعْرِيضِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ وَذَكَرَهُ بِلِسَانِهِ، فَذَلِكَ هُوَ الْغَايَةُ فِي اخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ الْمَذْهَبِ، وَالنِّهَايَةُ فِي كَوْنِهِ ذَاهِبًا إِلَيْهِ قَائِلًا بِهِ. وَالْمُرَادُ هاهنا أَنَّهُمْ يُصَرِّحُونَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ وَلَا يُخْفُونَهُ الْبَتَّةَ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ دَعَوُا الْخَلْقَ إِلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ حَتَّى وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي الْأَفْوَاهِ وَالْأَلْسِنَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُبَالَغَتُهُمْ فِي دَعْوَةِ الخلق إلى المذهب.
ثم قال تعالى: يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يُضَاهِي قَوْلَ الْمُشْرِكِينَ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ. الثَّانِي: أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّصَارَى أَيْ قَوْلُهُمُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ يُضَاهِي قَوْلَ الْيَهُودِ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ أَقْدَمُ مِنْهُمْ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ النَّصَارَى يُضَاهِي قَوْلَ قُدَمَائِهِمْ، يَعْنِي أَنَّهُ كُفْرٌ قَدِيمٌ، فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحْدَثٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُضَاهَاةُ: الْمُشَابَهَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ ضَاهَيْتُهُ ضَهِيًّا وَمُضَاهَاةً، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي الْمُضَاهَاةِ. وَقَالَ شِمْرٌ: الْمُضَاهَاةُ: الْمُتَابَعَةُ، يُقَالُ: فُلَانٌ يُضَاهِي فُلَانًا أَيْ يُتَابِعُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثالثة: قرأ عاصم يُضاهِؤُنَ بِالْهَمْزَةِ وَبِكَسْرِ الْهَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ، يُقَالُ ضَاهَيْتُهُ وَضَاهَأْتُهُ لُغَتَانِ مِثْلَ أَرَجِيتُ وَأَرْجَأْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يُتَابِعْ عَاصِمًا أَحَدٌ عَلَى الْهَمْزَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أَيْ هُمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلُ تَعَجُّبًا مِنْ بَشَاعَةِ قَوْلِهِمْ كَمَا يُقَالُ الْقَوْمُ رَكِبُوا سَبُعًا، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ مَا أَعْجَبَ فِعْلَهُمْ! أَنَّى يُؤْفَكُونَ الْإِفْكُ الصَّرْفُ يُقَالُ أَفِكَ الرَّجُلُ عَنِ الْخَيْرِ، أَيْ قُلِبَ وَصُرِفَ، وَرَجُلٌ مَأْفُوكٌ أَيْ مَصْرُوفٌ عَنِ الْخَيْرِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَنَّى يُؤْفَكُونَ مَعْنَاهُ كَيْفَ يُصَدُّونَ وَيُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ وُضُوحِ الدَّلِيلِ، حَتَّى يَجْعَلُوا لِلَّهِ وَلَدًا! وَهَذَا التَّعَجُّبُ إِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْخَلْقِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَعَجَّبُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَكِنَّ هَذَا الْخِطَابَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى عَجَّبَ نَبِيَّهُ مِنْ تَرْكِهِمُ الْحَقَّ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الباطل.

[سورة التوبة (9) : آية 31]
اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الشِّرْكِ بِقَوْلِهِ: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْأَحْبَارُ: الْفُقَهَاءُ، وَاخْتَلَفُوا فِي وَاحِدِهِ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَبْرٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حِبْرٌ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَا أَدْرِي أَهُوَ الْحَبْرُ أَوِ الْحِبْرُ؟ وَكَانَ أَبُو الْهَيْثَمِ يَقُولُ وَاحِدُ الْأَحْبَارِ حَبْرٌ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ، وَيُنْكِرُ الْكَسْرَ، وَكَانَ اللَّيْثُ وَابْنُ السِّكِّيتِ يَقُولَانِ حَبْرٌ وَحِبْرٌ لِلْعَالِمِ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي الْحَبْرُ الْعَالِمُ الَّذِي بِصِنَاعَتِهِ يُحَبِّرُ الْمَعَانِيَ، وَيُحْسِنُ الْبَيَانَ عَنْهَا. وَالرَّاهِبُ الَّذِي تَمَكَّنَتِ الرَّهْبَةُ وَالْخَشْيَةُ فِي قَلْبِهِ وَظَهَرَتْ آثَارُ الرَّهْبَةِ عَلَى وَجْهِهِ وَلِبَاسِهِ. وَفِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، صَارَ الْأَحْبَارُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست