responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 136
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَتُزَكِّيهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّزْكِيَةَ لَمَّا كَانَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى التَّطْهِيرِ وَجَبَ حُصُولُ الْمُغَايَرَةِ، فَقِيلَ: التَّزْكِيَةُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّطْهِيرِ، وَقِيلَ: التَّزْكِيَةُ بِمَعْنَى الْإِنْمَاءِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ تَعَالَى يَجْعَلُ/ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ إِخْرَاجِ قَدْرِ الزَّكَاةِ سَبَبًا لِلْإِنْمَاءِ، وَقِيلَ: الصَّدَقَةُ تُطَهِّرُهُمْ عَنْ نَجَاسَةِ الذَّنْبِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُزَكِّيهِمْ وَيُعَظِّمُ شَأْنَهُمْ وَيُثْنِي عَلَيْهِمْ عِنْدَ إِخْرَاجِهَا إِلَى الْفُقَرَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ إِنَّ صَلاتَكَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَفَتْحِ التَّاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ هُودٍ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَعَلَى التَّوْحِيدِ، وَالْبَاقُونَ صَلَوَاتِكَ وَكَذَلِكَ فِي هُودٍ عَلَى الْجَمْعِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَكْثَرُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَالصَّلَوَاتُ جَمْعُ قِلَّةٍ، تَقُولُ ثَلَاثُ صَلَوَاتٍ وَخَمْسُ صَلَوَاتٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ بِنَاءَ الصَّلَوَاتِ لَيْسَ لِلْقِلَّةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [لُقْمَانَ: 27] وَلَمْ يُرِدِ الْقَلِيلَ وَقَالَ:
وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ [سَبَأٍ: 37] وَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ [الْأَحْزَابِ: 35] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ مَانِعُو الزَّكَاةِ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالُوا إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ رَسُولَهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ وَذَكَرَ أَنَّ صَلَاتَهُ سَكَنٌ لَهُمْ، فَكَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ مَشْرُوطًا بِحُصُولِ ذَلِكَ السَّكَنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الرَّسُولِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي حُصُولِ ذَلِكَ السَّكَنِ. فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ سَائِرَ الْآيَاتِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ [التَّوْبَةِ: 60] وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذَّارِيَاتِ: 19] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الدُّعَاءِ، فَإِذَا قُلْنَا صَلَّى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ، أَفَادَ الدُّعَاءَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ الْأَصْلِيَّةِ. إِلَّا أَنَّهُ صَارَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ يُفِيدُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ، فَنُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ ادْعُ لَهُمْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالسُّنَّةُ لِلْإِمَامِ إِذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُتَصَدِّقِ وَيَقُولَ: آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ، وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ،
وَنَقَلُوا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّ آلَ أَبِي أَوْفَى لَمَّا أَتَوْهُ بِالصَّدَقَةِ قَالَ:
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»
وَنَقَلَ الْقَاضِي فِي «تَفْسِيرِهِ» عَنِ الْكَعْبِيِّ فِي «تَفْسِيرِهِ» أَنَّهُ قَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى عَلَيْكَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ،
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ مِنْ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا فِي حَقِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ أَصْحَابَنَا يَمْنَعُونَ مِنْ ذِكْرِ صَلَوَاتِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَّا فِي حَقِّ الرَّسُولِ، وَالشِّيعَةُ يَذْكُرُونَهُ فِي عَلِيٍّ وَأَوْلَادِهِ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ دَلَّ عَلَى أَنَّ/ هَذَا الذِّكْرَ جَائِزٌ فِي حَقِّ مَنْ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، فَكَيْفَ يُمْنَعُ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ وَرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَالَ: أَلَيْسَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ سَلَامُ عَلَيْكُمْ يُقَالُ لَهُ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ؟ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا اللَّفْظِ جَائِزٌ فِي حَقِّ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ آلِ بَيْتِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ قَالَ الْقَاضِي: إِنَّهُ جَائِزٌ فِي حَقِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ
أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست