responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 227
الْقِبْلَةَ فَكَانَ الْمَعْنَى: وَجِّهُوا وُجُوهَكُمْ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتُمْ عِنْدَ مَسْجِدٍ فَصَلُّوا فِيهِ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لَا أُصَلِّي إِلَّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِي.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَمْلُ لَفْظِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إِقَامَةِ الْوَجْهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ مِنْ مَسْجِدٍ إِلَى مَسْجِدٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْقِبْلَةِ أَمَرَ بَعْدَهُ بِالدُّعَاءِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَعْمَالُ الصَّلَاةِ وَسَمَّاهَا دُعَاءً لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الدُّعَاءِ وَلِأَنَّ أَشْرَفَ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ هُوَ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُؤْتَى بِذَلِكَ الدُّعَاءِ مَعَ الْإِخْلَاصِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الْبَيِّنَةِ: 5] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ وَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَما بَدَأَكُمْ خَلَقَكُمْ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا تَعُودُونَ فَبَعَثَ الْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا وَالْكَافِرَ كَافِرًا فَإِنَّ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِلشَّقَاوَةِ أَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ وَكَانَتْ عَاقِبَتَهُ الشَّقَاوَةُ وَإِنْ خَلَقَهُ لِلسَّعَادَةِ أَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَكَانَتْ عَاقِبَتَهُ السَّعَادَةُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: كَما بَدَأَكُمْ خَلَقَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا كَذَلِكَ تَعُودُونَ أَحْيَاءً فَالْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ: احْتَجُّوا عَلَى صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ عَقِيبَهُ قَوْلَهُ: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى التَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ وَذَلِكَ يُوجِبُ مَا قُلْنَاهُ. قال القاضي: هذا القول الباطل لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى بَدَأَنَا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ أَنْ يَكُونَ طَارِئًا وَهَذَا السُّؤَالُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ جَوَابَهُ أَنْ/ يُقَالَ: كَمَا بَدَأَكُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحَالُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ في الآية أولا بكلمة «قسط» وَهِيَ كَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ ثَانِيًا ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْفَائِدَةَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ إِنَّمَا تَظْهَرُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي «طه» لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها [طه: 14 15] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ وَفِيهِ بَحْثَانِ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْهُدَى وَالضَّلَالَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الْمُرَادُ فَرِيقًا هَدَى إِلَى الْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ أَيِ الْعَذَابُ وَالصَّرْفُ عَنْ طَرِيقِ الثَّوَابِ. قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْهِمْ دون غيرهم إذا الْعَبْدُ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنْ يَضِلَّ عَنِ الدِّينِ إِذْ لَوِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَأْمُرَ أَنْبِيَاءَهُ بِإِضْلَالِهِمْ عَنِ الدِّينِ كَمَا أَمَرَهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَفِي ذَلِكَ زَوَالُ الثِّقَةِ بِالنُّبُوَّاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: إِنَّ قَوْلَهُ: فَرِيقاً هَدى إِشَارَةٌ إِلَى الْمَاضِي وَعَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى سَيَهْدِيهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ فِي الْمَاضِي بِأَنَّهُ سَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ كَانَ هَذَا عُدُولًا عَنِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِأَنَّا بَيَّنَّا بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ أَنَّ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست