responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 224
وجمعه قبل. والقبلية: بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ قَبِيلُهُ أَصْحَابُهُ وَجُنْدُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ وَقَبِيلُهُ أَيْ هُوَ وَمَنْ كَانَ مِنْ نَسْلِهِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنَّهُمْ يَرَوْنَ الْإِنْسَ لِأَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ فِي عُيُونِهِمْ إِدْرَاكًا وَالْإِنْسُ لَا يَرَوْنَهُمْ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ هَذَا الْإِدْرَاكَ فِي عُيُونِ الْإِنْسِ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الْوَجْهُ فِي أَنَّ الْإِنْسَ لَا يَرَوْنَ الْجِنَّ رِقَّةُ أَجْسَامِ الْجِنِّ ولطافتها. والوجه في رؤية الجن الانس كَثَافَةُ أَجْسَامِ الْإِنْسِ وَالْوَجْهُ فِي أَنْ يَرَى بَعْضُ الْجِنِّ بَعْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَوِّي شُعَاعَ أَبْصَارِ الْجِنِّ وَيَزِيدُ فِيهِ وَلَوْ زَادَ اللَّهُ فِي قُوَّةِ. أَبْصَارِنَا لَرَأَيْنَاهُمْ كَمَا يَرَى بَعْضُنَا بَعْضًا وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى كَثَّفَ أَجْسَامَهُمْ وَبَقِيَتْ أَبْصَارُنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَرَأَيْنَاهُمْ فَعَلَى هَذَا كَوْنُ الْإِنْسِ مُبْصِرًا لِلْجِنِّ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ إِمَّا عَلَى زِيَادَةِ كَثَافَةِ أَجْسَامِ الْجِنِّ أَوْ عَلَى زِيَادَةِ قُوَّةِ أَبْصَارِ الْإِنْسِ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَ لَا يَرَوْنَ الْجِنَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ يَتَنَاوَلُ أَوْقَاتَ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ قَدَرَ الْجِنُّ عَلَى تَغْيِيرِ صُوَرِ أَنْفُسِهِمْ بِأَيِّ صُورَةٍ شَاءُوا وَأَرَادُوا لَوَجَبَ أَنَّ تَرْتَفِعَ الثِّقَةُ عَنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ فَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي أُشَاهِدُهُ وَأَحْكُمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ وَلَدِي أَوْ زَوْجَتِي جِنِّيٌّ صَوَّرَ نَفْسَهُ بِصُورَةِ وَلَدِي أَوْ زَوْجَتِي وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَيَرْتَفِعُ الْوُثُوقُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَشْخَاصِ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى تَخْبِيطِ النَّاسِ وَإِزَالَةِ الْعَقْلِ عَنْهُمْ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ الْعَدَاوَةَ الشَّدِيدَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِنْسِ فَلِمَ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَكْثَرِ الْبَشَرِ؟ وَفِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ وَالْأَفَاضِلِ وَالزُّهَّادِ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ أَكْثَرُ وَأَقْوَى وَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْبَشَرِ بوجه من الوجوه. ويتأكد هذا بقوله: ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إِبْرَاهِيمَ:
22] قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ إِبْلِيسُ أُعْطِينَا أَرْبَعَ خِصَالٍ: نَرَى وَلَا نُرَى وَنَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى وَيَعُودُ شَيْخُنَا فَتًى.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا النَّصِّ عَلَى/ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي سَلَّطَ الشَّيْطَانَ الرَّجِيمَ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَضَلَّهُمْ وَأَغْوَاهُمْ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَتَأَكَّدُ هَذَا النَّصُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ [مَرْيَمَ: 83] قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَى قَوْلِهِ: جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ هُوَ أَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّ الشَّيْطَانَ وَلِيٌّ لِمَنْ لَا يُؤْمِنُ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ هُوَ أَنَّا خَلَّيْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ كَمَا يُقَالُ فِيمَنْ يَرْبُطُ الْكَلْبَ فِي دَارِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ التَّوَثُّبِ عَلَى الدَّاخِلِ إِنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ.
وَالْجَوَابُ: إِنَّ الْقَائِلَ إِذَا قَالَ: إِنَّ فُلَانًا جَعَلَ هَذَا الثَّوْبَ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ أَنَّهُ حُكْمٌ بِهِ بَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حَصَلَ السَّوَادُ أَوِ الْبَيَاضُ فيه فكذلك هاهنا وَجَبَ حَمْلُ الْجَعْلِ عَلَى التَّأْثِيرِ وَالتَّحْصِيلِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْحُكْمِ وَأَيْضًا فَهَبْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ بِذَلِكَ لَكِنَّ مُخَالَفَةَ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى توجب كونه كاذبا وهو محال فالمضي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ فَكَوْنُ الْعَبْدِ قَادِرًا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحَالًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ أَيْ خَلَّيْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَافِرِينَ فَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَشْتُمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ إِنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا إِذَا لَمْ يَمْنَعْ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبَعْضِ لَا يُقَالُ إِنَّهُ أَرْسَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى الْبَعْضِ بَلْ لَفْظُ الْإِرْسَالِ إِنَّمَا يَصْدُقُ إِذَا كَانَ تَسْلِيطُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ بسبب من جهته فكذا هاهنا. والله اعلم.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست