responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 133
فَقَوْلُهُ: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها [الانعام: 123] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ قَرَأَ نَافِعٌ مَيِّتًا مُشَدَّدًا وَالْبَاقُونَ مُخَفَّفًا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْمَيْتُ مُخَفَّفًا تَخْفِيفُ مَيِّتٍ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ثُقِّلَ أَوْ خُفِّفَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: قَدْ وَصَفَ الْكُفَّارَ بِأَنَّهُمْ أَمْوَاتٌ فِي قَوْلِهِ: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النَّحْلِ: 21] وَأَيْضًا فِي قَوْلِهِ: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا [يس: 70] وَفِي قَوْلِهِ: إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النِّمْلِ: 80] وَفِي قَوْلِهِ: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ... وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ [فاطر: 19 و 22] فَلَمَّا جُعِلَ الْكُفْرُ مَوْتًا وَالْكَافِرُ مَيِّتًا جُعِلَ الْهُدَى حَيَاةً وَالْمُهْتَدِي حَيًّا وَإِنَّمَا جُعِلَ الْكُفْرُ مَوْتًا لِأَنَّهُ جَهْلٌ وَالْجَهْلُ يُوجِبُ الْحَيْرَةَ وَالْوَقْفَةَ فَهُوَ كَالْمَوْتِ الَّذِي يُوجِبُ السُّكُونَ وَأَيْضًا الْمَيِّتُ لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْءٍ وَالْجَاهِلُ كَذَلِكَ وَالْهُدَى عِلْمٌ وَبَصَرٌ وَالْعِلْمُ وَالْبَصَرُ سَبَبٌ لِحُصُولِ الرُّشْدِ وَالْفَوْزِ بِالنَّجَاةِ وَقَوْلُهُ:
وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَأَحْيَيْناهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا النُّورُ مُغَايِرًا لِتِلْكَ الْحَيَاةِ وَالَّذِي يَخْطُرُ بِالْبَالِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ الْبَشَرِيَّةَ لَهَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ فِي الْمَعْرِفَةِ فَأَوَّلُهَا: كَوْنُهَا مُسْتَعِدَّةً لِقَبُولِ هَذِهِ الْمَعَارِفِ وَذَلِكَ الِاسْتِعْدَادُ الْأَصْلِيُّ يَخْتَلِفُ فِي الْأَرْوَاحِ فَرُبَّمَا كَانَتِ الرُّوحُ مَوْصُوفَةً بِاسْتِعْدَادٍ كَامِلٍ قَوِيٍّ شَرِيفٍ وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادُ قَلِيلًا ضَعِيفًا وَيَكُونُ صَاحِبُهُ بَلِيدًا نَاقِصًا.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُحَصِّلَ لَهَا الْعُلُومَ الْكُلِّيَّةَ الْأَوَّلِيَّةَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْعَقْلِ.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُحَاوِلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ تَرْكِيبَ تِلْكَ الْبَدِيهِيَّاتِ: وَيَتَوَصَّلَ بِتَرْكِيبِهَا إِلَى/ تَعَرُّفِ الْمَجْهُولَاتِ الْكَسْبِيَّةِ إِلَّا أَنَّ تِلْكَ الْمَعَارِفَ رُبَّمَا لَا تَكُونُ حَاضِرَةً بِالْفِعْلِ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ بِحَيْثُ مَتَى شَاءَ صَاحِبُهَا اسْتِرْجَاعَهَا وَاسْتِحْضَارَهَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
وَالْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَعَارِفُ الْقُدُسِيَّةُ وَالْجَلَايَا الرُّوحَانِيَّةُ حَاضِرَةً بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ جَوْهَرُ ذَلِكَ الرُّوحِ مُشْرِقًا بِتِلْكَ الْمَعَارِفِ مُسْتَضِيئًا بِهَا مُسْتَكْمَلًا بِظُهُورِهَا فِيهِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ:
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: وَهِيَ حُصُولُ الِاسْتِعْدَادِ فَقَطْ هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَوْتِ.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ أَنْ تَحْصُلَ الْعُلُومُ الْبَدِيهِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ فِيهِ فَهِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فَأَحْيَيْناهُ.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ تَرْكِيبُ الْبَدِيهِيَّاتِ حَتَّى يُتَوَصَّلَ بِتَرْكِيبَاتِهَا إِلَى تَعَرُّفِ الْمَجْهُولَاتِ النَّظَرِيَّةِ فَهِيَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً.
وَالْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ قَوْلُهُ: يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِ مُسْتَحْضِرًا لِتِلْكَ الْجَلَايَا الْقُدُسِيَّةِ نَاظِرًا إِلَيْهَا وَعِنْدَ هَذَا تَتِمُّ دَرَجَاتُ سِعَادَاتِ النَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا الْحَيَاةُ عِبَارَةٌ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ الْقَائِمِ بِجَوْهَرِ الرُّوحِ وَالنُّورُ عِبَارَةٌ عَنْ إِيصَالِ نُورِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِبْصَارِ مِنْ أَمْرَيْنِ: مِنْ سَلَامَةِ الْحَاسَّةِ وَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَكَذَلِكَ الْبَصِيرَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَمْرَيْنِ: مِنْ سَلَامَةِ حَاسَّةِ الْعَقْلِ وَمِنْ طُلُوعِ نُورِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ فَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمُرَادُ بِهَذَا النُّورِ الْقُرْآنُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ نُورُ الدِّينِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ نُورُ الْحِكْمَةِ وَالْأَقْوَالُ بِأَسْرِهَا مُتَقَارِبَةٌ وَالتَّحْقِيقُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مَثَلُ الْكَافِرِ: فَهُوَ كَمَنْ فِي
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست