responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 520
لِدَلَالَةِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيرُهُ: وَلَقَدْ جَاءَكَ نَبَأٌ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْ وُقُوعِهِ، فَذَلِكَ الْخَبَرُ مُمْتَنِعُ التَّغَيُّرِ، وَإِذَا امْتَنَعَ تَطْرَّقَ التَّغَيُّرُ إِلَى ذَلِكَ الْخَبَرِ امْتَنَعَ تَطَرُّقُ التَّغَيُّرِ إِلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ. فَإِذَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ كَانَ تَرْكُ الْكُفْرِ مِنْهُ مُحَالًا. فَكَانَ تَكْلِيفُهُ بِالْإِيمَانِ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ. واللَّه أعلم.

[سورة الأنعام (6) : آية 35]
وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (35)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنَّ الْحَرْثَ بْنَ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ائْتِنَا مِنْ عِنْدِ اللَّه كَمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَفْعَلُ فَإِنَّا نُصَدِّقُ بِكَ فَأَبَى اللَّه أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِهَا فَأَعْرَضُوا عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَالْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِكَ، وَصِحَّةِ الْقُرْآنِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَافْعَلْ.
فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَحَسُنَ هَذَا الْحَذْفُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي النُّفُوسِ. وَالنَّفَقُ سَرَبٌ فِي الْأَرْضِ لَهُ مَخْلَصٌ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَمِنْهُ نَافِقَاءُ الْيَرْبُوعِ لِأَنَّ الْيَرْبُوعَ يَثْقُبُ الْأَرْضَ إلى القعر، ثم يصعد من ذلك القعر إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، فَكَأَنَّهُ يَنْفُقُ الْأَرْضَ نَفْقًا، أَيْ يَجْعَلُ لَهُ مَنْفَذًا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ. وَمِنْهُ أَيْضًا سُمِّيَ الْمُنَافِقُ مُنَافِقًا لِأَنَّهُ يُضْمِرُ غَيْرَ مَا يُظْهِرُ كَالنَّافِقَاءِ الَّذِي يَتَّخِذُهُ الْيَرْبُوعُ وَأَمَّا السُّلَّمُ فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السَّلَامَةِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُسَلِّمُكَ إِلَى مَصْعَدِكَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يَقْطَعَ الرَّسُولُ طَمَعَهُ عَنْ إِيمَانِهِمْ، وَأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِسَبَبِ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَإِقْبَالِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى تَقْدِيرُهُ: وَلَوْ شَاءَ اللَّه هُدَاهُمْ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى وَحَيْثُمَا جَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى، وَجَبَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مَا شَاءَ هُدَاهُمْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُرِيدُ الْإِيمَانَ مِنَ الْكَافِرِ بَلْ يُرِيدُ إِبْقَاءَهُ عَلَى الْكُفْرِ، وَالَّذِي يُقَرِّبُ هَذَا الظَّاهِرَ أَنَّ قُدْرَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْكُفْرِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلْإِيمَانِ، أَوْ غَيْرَ صَالِحَةٍ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَالِحَةً لَهُ فَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكُفْرِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْكُفْرِ، وَغَيْرُ صَالِحَةٍ لِلْإِيمَانِ، فَخَالِقُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ يَكُونُ قَدْ أَرَادَ/ هَذَا الْكُفْرَ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقُدْرَةُ، كَمَا أَنَّهَا صَلَحَتْ لِلْكُفْرِ فَهِيَ أَيْضًا صَالِحَةٌ لِلْإِيمَانِ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ نِسْبَةُ الْقُدْرَةِ إِلَى الطَّرَفَيْنِ امْتَنَعَ رُجْحَانُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، إِلَّا لِدَاعِيَةٍ مُرَجِّحَةٍ، وَحُصُولُ تِلْكَ الدَّاعِيَةِ لَيْسَ مِنَ الْعَبْدِ، وَإِلَّا وَقَعَ التَّسَلْسُلُ، فَثَبَتَ أَنَّ خَالِقَ تِلْكَ الدَّاعِيَةِ هُوَ اللَّه تَعَالَى، وَثَبَتَ أَنَّ مَجْمُوعَ الْقُدْرَةِ مَعَ الدَّاعِيَةِ الْحَاصِلَةِ مُوجِبٌ لِلْفِعْلِ، فَثَبَتَ أَنَّ خَالِقَ مَجْمُوعِ تِلْكَ الْقُدْرَةِ مَعَ تِلْكَ الدَّاعِيَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِذَلِكَ الْكُفْرِ مُرِيدٌ لِذَلِكَ الْكُفْرِ، وَغَيْرُ مُرِيدٍ لِذَلِكَ الْإِيمَانِ. فَهَذَا الْبُرْهَانُ الْيَقِينِيُّ قَوِيٌّ ظَاهِرٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا بَيَانَ أَقْوَى مِنْ أَنْ يَتَطَابَقَ الْبُرْهَانُ مَعَ ظَاهِرِ القرآن. قالت المعتزلة: المراد ولو شَاءَ اللَّه أَنْ يُلْجِئَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ لِجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَالْإِلْجَاءُ هُوَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ حَاوَلُوا غَيْرَ الْإِيمَانِ لَمَنَعَهُمْ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُونَ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ غَيْرِ الْإِيمَانِ. وَمِثَالُهُ: أَنَّ أَحَدَنَا لَوْ حَصَلَ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ وحضر
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست