responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 481
وَالثَّالِثُ: الْأَجَلُ الْأَوَّلُ مَا بَيْنَ أَنْ يُخْلَقَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ. وَالثَّانِي: مَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ وَهُوَ الْبَرْزَخُ. وَالرَّابِعُ:
أَنَّ الْأَوَّلَ: هُوَ النَّوْمُ وَالثَّانِيَ: الْمَوْتُ. وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْأَجَلَ الْأَوَّلَ مِقْدَارُ مَا انْقَضَى مِنْ عُمُرِ كُلِّ أَحَدٍ، وَالْأَجَلَ الثَّانِي: مِقْدَارُ مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِ كُلِّ أَحَدٍ. وَالسَّادِسُ: وَهُوَ قَوْلُ حُكَمَاءَ الْإِسْلَامِ أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَجَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا:
الْآجَالُ الطَّبِيعِيَّةُ. وَالثَّانِي: الْآجَالُ الِاخْتِرَامِيَّةُ. أَمَّا الْآجَالُ الطَّبِيعِيَّةُ: فَهِيَ الَّتِي لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمِزَاجُ/ مَصُونًا مِنَ العوارض الخارجية لا لَانْتَهَتْ مُدَّةُ بَقَائِهِ إِلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ، وَأَمَّا الْآجَالُ الِاخْتِرَامِيَّةُ: فَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ الْخَارِجِيَّةِ: كَالْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَلَدْغِ الْحَشَرَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُعْضِلَةِ، وَقَوْلُهُ مُسَمًّى عِنْدَهُ أَيْ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ أَوْ مَذْكُورٌ اسْمُهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَمَعْنَى عِنْدَهُ شَبِيهٌ بِمَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ الْأَمْرَ كَذَا وَكَذَا أَيْ هَذَا اعْتِقَادِي وَقَوْلِي.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُبْتَدَأُ النَّكِرَةُ إِذَا كَانَ خَبَرُهُ ظَرْفًا وَجَبَ تَأْخِيرُهُ فَلِمَ جَازَ تَقْدِيمُهُ فِي قَوْلِهِ وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قُلْنَا: لِأَنَّهُ تَخَصَّصَ بِالصِّفَةِ فَقَارَبَ الْمَعْرِفَةَ كَقَوْلِهِ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ [الْبَقَرَةِ: 221] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ فَنَقُولُ: الْمِرْيَةُ وَالِامْتِرَاءُ هُوَ الشَّكُّ.
وَاعْلَمْ أَنَّا إِنْ قُلْنَا الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْدَ ظُهُورِ مِثْلِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الْبَاهِرَةِ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ فِي صِحَّةِ التَّوْحِيدِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ تَصْحِيحَ الْقَوْلِ بالمعاد فكذلك واللَّه أعلم.

[سورة الأنعام (6) : آية 3]
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)
وَاعْلَمْ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ.
قُلْنَا: الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ كَوْنِهِ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، فَإِنَّ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ يَدُلَّانِ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ يَكْمُلُ الْعِلْمُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي حُصُولِ الْإِلَهِيَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِقَامَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ الْمَعَادِ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَكْمِيلُ ذَلِكَ الْبَيَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُنْكِرِي الْمَعَادِ إِنَّمَا أَنْكَرُوهُ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي حُدُوثِ بَدَنِ الْإِنْسَانِ هُوَ امْتِزَاجُ الطَّبَائِعِ وَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ قَادِرًا مُخْتَارًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُ الْمُطِيعِ من العاصي، ولا تميز أَجْزَاءِ بَدَنِ زَيْدٍ عَنْ أَجْزَاءِ بَدَنِ عَمْرٍو ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ بِالْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ كَوْنَهُ تَعَالَى قَادِرًا وَمُخْتَارًا لَا عِلَّةً مُوجِبَةً، وَأَثْبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ كَوْنَهُ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ جَمِيعُ الشُّبُهَاتِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْقَوْلِ بِإِنْكَارِ الْمَعَادِ، وَصِحَّةِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ فَهَذَا هو الكلام في نظم الآية وهاهنا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِالْمَكَانِ تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ مُسْتَقِرٌّ فِي السَّمَاءِ قَالُوا: وَيَتَأَكَّدُ هَذَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ [الْمُلْكِ: 16] قَالُوا: وَلَا يَلْزَمُنَا أَنْ يُقَالَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي حُصُولَهُ تَعَالَى فِي الْمَكَانَيْنِ مَعًا وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّا نَقُولُ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْعَمَلِ بِأَحَدِ الظَّاهِرَيْنَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّ مِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 481
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست