responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 452
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: مَا رُوِّينَا أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَضَى بِشَهَادَةِ الْيَهُودِيَّيْنِ بَعْدَ أَنْ حَلَّفَهُمَا، وَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ: أَنَّا إِنَّمَا نُجِيزُ إِشْهَادَ الْكَافِرِينَ إِذَا لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالضَّرُورَاتُ قَدْ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَعَالَى أَجَازَ التَّيَمُّمَ وَالْقَصْرَ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ، وَأَكْلَ الْمَيْتَةِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ حَاصِلَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا قَرُبَ أَجْلُهُ فِي الْغُرْبَةِ وَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا يُشْهِدُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ تَكُنْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ مَقْبُولَةً فَإِنَّهُ يُضَيِّعُ أَكْثَرَ مُهِمَّاتِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَوَاتٌ وَكَفَّارَاتٌ وَمَا أَدَّاهَا.
وَرُبَّمَا كَانَ عِنْدَهُ وَدَائِعُ أَوْ دُيُونٌ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ النِّسَاءِ، كَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُقُوفُ الرِّجَالِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَاكْتَفَيْنَا فِيهَا بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، فَكَذَا هَاهُنَا. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ صَارَ مَنْسُوخًا فَبَعِيدٌ، لِاتِّفَاقِ أَكْثَرِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَالْكَافِرُ لَا يَكُونُ عَدْلًا.
أَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْهُ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ مَنْ كَانَ عَدْلًا فِي الِاحْتِرَازِ عَنِ الْكَذِبِ، لَا مَنْ كَانَ عَدْلًا فِي الدِّينِ وَالِاعْتِقَادِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عُدُولًا فِي مَذَاهِبِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا عُدُولًا فِي الِاحْتِرَازِ عَنِ الْكَذِبِ قَبِلْنَا شَهَادَتَهُمْ، فَكَذَا هَاهُنَا سَلَّمْنَا أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ بِعَدْلٍ، إِلَّا أَنَّ قوله وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2] عَامٌّ، وَقَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ خَاصٌّ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ شَهَادَةَ الْعَدْلِ الَّذِي يَكُونُ مِنَّا فِي الْحَضَرِ، وَاكْتَفَى بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يَكُونُ/ مِنَّا فِي السَّفَرِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةٌ، وَالْآيَةُ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا عَامَّةٌ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْخَاصُّ مُتَأَخِّرًا فِي النُّزُولِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ مُتَأَخِّرَةٌ، فَكَانَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْآيَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى الْآيَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا وَاجِبًا بِالِاتِّفَاقِ واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ أَوْ آخَرانِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ اثْنانِ وَالتَّقْدِيرُ: شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ أَنَّ جَوَازَ الِاسْتِشْهَادِ بِآخَرَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمْ مَشْرُوطٌ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُسْتَشْهِدُ مُسَافِرًا ضَارِبًا فِي الْأَرْضِ وَحَضَرَتْ عَلَامَاتُ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: تَحْبِسُونَهُمَا، أَيْ تُوقِفُونَهُمَا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: مَرَّ بِي فُلَانٌ عَلَى فَرَسٍ فَحَبَسَ عَلَيَّ دَابَّتَهُ أَيْ أَوْقَفَهَا وَحَبَسْتُ الرَّجُلَ فِي الطَّرِيقِ أُكَلِّمُهُ أَيْ أَوْقَفْتُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَوْقِعُ تَحْبِسُونَهُمَا.
قُلْنَا: هُوَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْفَ نَعْمَلُ إِنْ حَصَلَتِ الرِّيبَةُ فِيهِمَا فقيل تحبسونهما.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست