responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 444
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَا ذَكَرَهُ الْكِسَائِيُّ: وَهُوَ أَنَّ أَشْيَاءَ عَلَى وَزْنِ أَفْعَالٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَصْرِفُوهُ لِكَوْنِهِ شَبِيهًا فِي الظَّاهِرِ بِحَمْرَاءَ وَصَفْرَاءَ، وَأَلْزَمَهُ الزَّجَّاجُ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَسْمَاءٌ وَأَبْنَاءٌ، وَعِنْدِي أَنَّ سُؤَالَ الزَّجَّاجِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ لِلْكِسَائِيِّ أَنْ يَقُولَ: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ فِي أَبْنَاءٍ وَأَسْمَاءٍ، إِلَّا أَنَّهُ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ لِلنَّصِّ، لِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنَ الْقِيَاسِ، وَلَمْ يُوجَدِ النَّصُّ فِي لَفْظِ أَشْيَاءَ فَوَجَبَ الْجَرْيُ فِيهِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِلَلَ النَّحْوِيَّةَ لَا تُوجِبُ الِاطِّرَادَ، أَلَا تَرَى أَنَّا إِذَا قُلْنَا/ الْفَاعِلِيَّةُ تُوجِبُ الرَّفْعَ، لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ بِحُصُولِ الرَّفْعِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ، كَقَوْلِنَا جَاءَنِي هَؤُلَاءِ وَضَرَبَنِي هَذَا بَلْ نَقُولُ: الْقِيَاسُ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِهِ، إِلَّا إِذَا عَارَضَهُ نَصٌّ فَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا أَوْرَدَهُ الزَّجَّاجُ عَلَى الْكِسَائِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
رَوَى أَنَسٌ أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْثَرُوا الْمَسْأَلَةَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «سلوني فو اللَّه لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ» فَقَامَ عَبْدُ اللَّه بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ وَكَانَ يُطْعَنُ فِي نَسَبِهِ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّه مَنْ أَبِي فقال: «أبو حُذَافَةُ بْنُ قَيْسٍ» وَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ وَيُرْوَى عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ يَا رَسُولَ اللَّه: الْحَجُّ عَلَيْنَا فِي كُلِّ عَامٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَعَادَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
«وَيْحَكَ وَمَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ أَقُولَ نَعَمْ واللَّه لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَتَرَكْتُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ لَكَفَرْتُمْ فَاتْرُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» وَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه أَيْنَ أَبِي فَقَالَ «فِي النَّارِ» وَلَمَّا اشْتَدَّ غَضَبُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عُمَرُ وَقَالَ:
رَضِينَا باللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْأَشْيَاءِ رُبَّمَا يُؤَدِّي إِلَى ظُهُورِ أَحْوَالٍ مَكْتُومَةٍ يُكْرَهُ ظُهُورُهَا وَرُبَّمَا تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ تَكَالِيفُ شَاقَّةٌ صَعْبَةٌ فَالْأَوْلَى بِالْعَاقِلِ أَنْ يَسْكُتَ عَمَّا لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِي سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُلْحِقَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِغَيْرِ أَبِيهِ فَيَفْتَضِحَ، وَأَمَّا السَّائِلُ عَنِ الْحَجِّ فَقَدْ كَادَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ كَانَ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ حَلَالٍ إِذْ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَقُولَ فِي الْحَجِّ إِيجَابٌ فِي كُلِّ عَامٍ»
وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: إِنَّ اللَّه أَحَلَّ وَحَرَّمَ فَمَا أَحَلَّ فَاسْتَحِلُّوهُ، وَمَا حَرَّمَ فَاجْتَنِبُوهُ، وَتَرَكَ بَيْنَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ لَمْ يُحَلِّلْهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهَا، فَذَلِكَ عَفْوٌ مِنَ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ: إِنَّ اللَّه فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تبحثوا عنها.
ثم قال تعالى: وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بَيَّنَ بِالْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي سَأَلُوا عَنْهَا إِنْ أُبْدِيَتْ لَهُمْ سَاءَتْهُمْ ثُمَّ بَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ إِنْ سَأَلُوا عَنْهَا أُبْدِيَتْ لَهُمْ، فَكَانَ حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ إِنْ سَأَلُوا عَنْهَا أُبْدِيَتْ لَهُمْ، وَإِنْ أُبْدِيَتْ لَهُمْ سَاءَتْهُمْ، فَيَلْزَمُ مِنْ مَجْمُوعِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ أَنَّهُمْ إِنْ سَأَلُوا عَنْهَا ظَهَرَ لَهُمْ مَا يَسُوءُهُمْ وَلَا يَسُرُّهُمْ. وَالْوَجْهُ/ الثَّانِي: فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ أَنَّ السُّؤَالَ عَلَى قِسْمَيْنِ. أَحَدُهُمَا:
السُّؤَالُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَهَذَا السُّؤَالُ منهى عنه بقوله لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ السُّؤَالِ: السُّؤَالُ عَنْ شَيْءٍ نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ لَكِنَّ السَّامِعَ لَمْ يَفْهَمْهُ كَمَا ينبغي فههنا السؤال واجب، وهو المراد بقوله وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ وَالْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ هَذَا الْقِسْمِ أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 444
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست