responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 376
وَالْحَوَادِثِ الْمُخَوِّفَةِ، فَالدَّوَائِرُ تَدُورُ، وَالدَّوَائِلُ تَدُولُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ نَخْشَى أَنْ لَا يَتِمَّ الْأَمْرُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدُورُ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ (عَسَى) مِنَ اللَّه وَاجِبٌ، لِأَنَّ الْكَرِيمَ إِذَا أَطْمَعَ فِي خَيْرٍ فَعَلَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَعْدِ لِتَعَلُّقِ النَّفْسِ بِهِ وَرَجَائِهَا لَهُ، وَالْمَعْنَى: فَعَسَى اللَّه أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ لِرَسُولِ اللَّه عَلَى أَعْدَائِهِ وَإِظْهَارِ/ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ يَقْطَعُ أَصْلَ الْيَهُودِ أَوْ يُخْرِجُهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ فَيُصْبِحَ الْمُنَافِقُونَ نَادِمِينَ عَلَى مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَشُكُّونَ فِي أَمْرِ الرَّسُولِ وَيَقُولُونَ: لَا نَظُنُّ أَنَّهُ يَتِمُّ لَهُ أَمْرُهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَصِيرَ الدَّوْلَةُ وَالْغَلَبَةُ لِأَعْدَائِهِ. وَقِيلَ: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، يَعْنِي أَنْ يُؤْمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِظْهَارِ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ وَقَتْلِهِمْ فَيَنْدَمُوا عَلَى فِعَالِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: شَرْطُ صِحَّةِ التَّقْسِيمِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ قِسْمَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ، وَقَوْلُهُ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْفَتْحِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ.
قُلْنَا: قَوْلُهُ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ مَعْنَاهُ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا يَكُونُ لِلنَّاسِ فِيهِ فِعْلٌ أَلْبَتَّةَ، كَبَنِي النَّضِيرِ الَّذِينَ طَرَحَ اللَّه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَأُعْطُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ مُحَارِبَةٍ وَلَا عَسْكَرٍ ثم قال تعالى:

[سورة المائدة (5) : آية 53]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ يَقُولُ بِغَيْرِ وَاوِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ، وَالْبَاقُونَ بِالْوَاوِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ الواحدي رحمه اللَّه: وحذف الواو هاهنا كَإِثْبَاتِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ ذِكْرًا مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ بِقَوْلِهِ يُسارِعُونَ فِيهِمْ [المائدة: 52] هُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُونَ أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ فَلَمَّا حَصَلَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجُمْلَتَيْنِ ذِكْرٌ مِنَ الْأُخْرَى حَسُنَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَبِغَيْرِ الْوَاوِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ لَمَّا كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجُمْلَتَيْنِ ذِكْرُ مَا تَقَدَّمَ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ الْوَاوِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الْكَهْفِ: 22] فَأَدْخَلَ/ الْوَاوَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ، وَذِكْرَهَا جَائِزٌ. وَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» حَذْفُ الْوَاوِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ جَوَابُ قَائِلٍ يَقُولُ: فَمَاذَا يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ حِينَئِذٍ؟ فَقِيلَ: يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا. وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا نَصْبًا عَلَى مَعْنَى: وَعَسَى أَنْ يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا، وَأَمَّا مَنْ رَفَعَ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْوَاوَ لِعَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَيَدُلُّ عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ قِرَاءَةُ مَنْ حَذَفَ الْوَاوَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَائِدَةُ فِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ أَنَّهُمْ يتعجبون من حال المنافقين عند ما أَظْهَرُوا الْمَيْلَ إِلَى مُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَقَالُوا: إِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ باللَّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ أَنَّهُمْ مَعَنَا وَمِنْ أَنْصَارِنَا، فَالْآنَ كَيْفَ صَارُوا مُوَالِينَ لِأَعْدَائِنَا مُحِبِّينَ لِلِاخْتِلَاطِ بِهِمْ وَالِاعْتِضَادِ بِهِمْ؟
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست