responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 371
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ جَازَ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالْحُكْمِ بِمَا فِي الْإِنْجِيلِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؟
قُلْنَا: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ لِيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلَ الدَّالَّةَ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَصَمِّ، وَالثَّانِي: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ، مِمَّا لَمْ يَصِرْ مَنْسُوخًا بِالْقُرْآنِ، وَالثَّالِثُ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ زَجْرُهُمْ عَنْ تَحْرِيفِ مَا فِي الْإِنْجِيلِ وَتَغْيِيرِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَهُ الْيَهُودُ مِنْ إِخْفَاءِ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ، فَالْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ وَلْيَحْكُمْ أَيْ وَلْيُقِرَّ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّه فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَبْدِيلٍ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، أَعْنِي قَوْلَهُ (الْكَافِرُونَ الظَّالِمُونَ الْفَاسِقُونَ) صِفَاتٍ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَيْسَ فِي إِفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِلَفْظٍ مَا يُوجِبُ الْقَدْحَ فِي الْمَعْنَى، بَلْ هُوَ كَمَا يُقَالُ: مَنْ أَطَاعَ اللَّه فَهُوَ الْمُؤْمِنُ، مَنْ أَطَاعَ اللَّه فَهُوَ الْبَرُّ، مَنْ أَطَاعَ اللَّه فَهُوَ الْمُتَّقِي، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صِفَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ حَاصِلَةٌ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْأَوَّلُ: فِي الْجَاحِدِ، وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ: فِي الْمُقِرِّ التَّارِكِ. وَقَالَ الْأَصَمُّ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي: فِي الْيَهُودِ، وَالثَّالِثُ: في النصارى.

[سورة المائدة (5) : آية 48]
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقوله وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ أي القرآن، وقوله مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ أَيْ كُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ سِوَى الْقُرْآنِ.
وَقَوْلُهُ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْمُهَيْمِنِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: قَالَ الْخَلِيلُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ قَدْ هَيْمَنَ الرَّجُلُ يُهَيْمِنُ إِذَا كَانَ رَقِيبًا عَلَى الشَّيْءِ وَشَاهِدًا عَلَيْهِ حَافِظًا. قَالَ حَسَّانُ:
إِنَّ الْكِتَابَ مُهَيْمِنٌ لِنَبِيِّنَا ... وَالْحَقُّ يَعْرِفُهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ
وَالثَّانِي: قَالُوا: الْأَصْلُ فِي قَوْلِنَا: آمَنَ يُؤْمِنُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، أَأْمَنَ يُؤَأْمِنُ فَهُوَ مُؤَأْمِنٌ بِهَمْزَتَيْنِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْأُولَى هَاءً كَمَا فِي: هَرَقْتُ وَأَرَقْتُ، وَهِيَّاكَ وَإِيَّاكَ، وَقُلِبَتِ الثَّانِيَةُ يَاءً فَصَارَ مُهَيْمِنًا فَلِهَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ أَيْ أَمِينًا عَلَى الْكُتُبِ الَّتِي قَبْلَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّمَا كَانَ الْقُرْآنُ مُهَيْمِنًا عَلَى الْكُتُبِ لِأَنَّهُ الْكِتَابُ الَّذِي لَا يَصِيرُ مَنْسُوخًا أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ التَّبْدِيلُ وَالتَّحْرِيفُ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الْحِجْرِ: 9] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتْ شَهَادَةُ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ التوراة والإنجيل والزبور حق صدق بَاقِيَةً أَبَدًا، فَكَانَتْ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْكُتُبِ مَعْلُومَةً أبدا.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست