responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 304
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ امْتِيَازَ الْمِرْفَقِ عَنِ السَّاعِدِ لَيْسَ لَهُ مَفْصِلٌ مُعَيَّنٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ إِيجَابُ الْغَسْلِ إِلَى جُزْءٍ أَوْلَى مِنْ إِيجَابِهِ إِلَى جُزْءٍ آخَرَ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِإِيجَابِ غَسْلِ كُلِّ الْمِرْفَقِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْجَوَابِ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْمِرْفَقَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، لَكِنَّ الْمِرْفَقَ اسْمٌ لِمَا جَاوَزَ طَرَفَ الْعَظْمِ، فَإِنَّهُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُرْتَفَقُ بِهِ أَيْ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ، وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ مَا وَرَاءَ طَرَفِ الْعَظْمِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: الرَّجُلُ إِنْ كَانَ أَقْطَعَ، فَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ مِمَّا دُونَ الْمِرْفَقِ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمِرْفَقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ بِالْقَطْعِ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْآيَةِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ أَقْطَعَ مِمَّا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا التَّكْلِيفِ لَمْ يَبْقَ أَصْلًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ أَقْطَعَ مِنَ الْمِرْفَقِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: يَجِبُ إِمْسَاسُ الْمَاءِ لِطَرَفِ الْعَظْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ غَسْلَ الْمِرْفَقِ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا وَالْمِرْفَقُ عِبَارَةٌ عَنْ مُلْتَقَى الْعَظْمَيْنِ، فَإِذَا وَجَبَ إِمْسَاسُ الْمَاءِ لِمُلْتَقَى الْعَظْمَيْنِ وَجَبَ إِمْسَاسُ الْمَاءِ لِطَرَفِ الْعَظْمِ الثَّانِي لَا مَحَالَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى مَنْدُوبٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: / هُوَ وَاجِبٌ.
لَنَا أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: السُّنَّةُ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَى الْكَفِّ بِحَيْثُ يَسِيلُ الْمَاءُ مِنَ الْكَفِّ إِلَى الْمِرْفَقِ، فَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْمِرْفَقِ حَتَّى سَالَ الْمَاءُ إِلَى الْكَفِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فَجَعَلَ الْمَرَافِقَ غَايَةَ الْغَسْلِ، فَجَعَلَهُ مَبْدَأَ الْغَسْلِ خِلَافَ الْآيَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ الْوُضُوءِ إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ تَرْكًا لِلسُّنَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: لَوْ نَبَتَ مِنَ الْمِرْفَقِ سَاعِدَانِ وَكَفَّانِ وَجَبَ غَسْلُ الْكُلِّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ عَلَى الْكَفِّ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهَا بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَى الْمَرافِقِ يَقْتَضِي تَحْدِيدَ الْأَمْرِ لَا تَحْدِيدَ الْمَأْمُورِ بِهِ، يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ أَمْرٌ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَإِيجَابُ الْغَسْلِ مَحْدُودٌ بِهَذَا الْحَدِّ، فَبَقِيَ الْوَاجِبُ هُوَ هَذَا الْقَدْرُ فَقَطْ، أَمَّا نَفْسُ الْغَسْلِ فَغَيْرُ مَحْدُودٍ بِهَذَا الْحَدِّ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ أَنَّ تَطْوِيلَ الْغُرَّةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: الْوَاجِبُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَقَلُّ شَيْءٍ يُسَمَّى مَسْحًا لِلرَّأْسِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ مَسْحُ الْكُلِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه: الْوَاجِبُ مَسْحُ رُبْعِ الرَّأْسِ. حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَسَحْتُ الْمِنْدِيلَ، فَهَذَا لَا يُصَدَّقُ إِلَّا عِنْدَ مَسْحِهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَمَّا لَوْ قَالَ: مَسَحْتُ يَدِي بِالْمِنْدِيلِ فَهَذَا يَكْفِي فِي صِدْقِهِ مَسْحُ الْيَدَيْنِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْمِنْدِيلِ.
إِذَا ثبت هذا فنقول: قوله وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِهِ مَسْحُ الْيَدِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْجُزْءُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِي الْآيَةِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا تَقْدِيرَهُ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُمْكِنْ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ إِلَّا بدليل مغاير
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست