responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 246
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ قَالَ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ كُفْرَهُمْ وَلَا/ يَهْدِيهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَمَا لَا يُوصِلُهُمْ إِلَى دَارِ الثَّوَابِ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُوصِلُهُمْ إِلَى أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَقَوْلُهُ بَشِّرِ تَهَكُّمٌ بِهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَحِيَّتُكَ الضرب، وعتابك السيف. ثم قال تعالى:

[سورة النساء (4) : آية 139]
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)
الَّذِينَ: نَصْبٌ عَلَى الذَّمِّ، بِمَعْنَى أُرِيدُ الَّذِينَ، أَوْ رَفْعٌ بِمَعْنَى هُمُ الَّذِينَ، وَاتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ: الْمُنَافِقُونَ، وَبِالْكَافِرِينَ الْيَهُودُ، وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يُوَالُونَهُمْ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ لَا يَتِمُّ، فَيَقُولُ الْيَهُودُ بِأَنَّ الْعِزَّةَ وَالْمَنَعَةَ لَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَصْلُ الْعِزَّةِ فِي اللُّغَةِ الشِّدَّةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الشَّدِيدَةِ: عَزَازٌ، وَيُقَالُ: قَدِ اسْتَعَزَّ الْمَرَضُ عَلَى الْمَرِيضِ إِذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَكَادَ أَنْ يَهْلِكَ، وَعَزَّ الْهَمُّ اشْتَدَّ، وَمِنْهُ عَزَّ عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ كَذَا بِمَعْنَى اشْتَدَّ، وَعَزَّ الشَّيْءُ إِذَا قَلَّ حَتَّى لَا يَكَادَ يُوجَدُ لِأَنَّهُ اشْتَدَّ مَطْلَبُهُ، وَاعْتَزَّ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذَا اشْتَدَّ ظَهْرُهُ بِهِ، وَشَاةٌ عَزُوزٌ الَّتِي يَشْتَدُّ حَلْبُهَا وَيَصْعُبُ وَالْعِزَّةُ الْقُوَّةُ مَنْقُولَةٌ مِنَ الشِّدَّةِ لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا. وَالْعَزِيزُ الْقَوِيُّ الْمَنِيعُ بِخِلَافِ الذَّلِيلِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْعِزَّةَ وَالْقُوَّةَ بِسَبَبِ اتِّصَالِهِمْ بِالْيَهُودِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَبْطَلَ عَلَيْهِمْ هَذَا الرَّأْيَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا كَالْمُنَاقِضِ لِقَوْلِهِ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقين: 8] .
قُلْنَا: الْقُدْرَةُ الْكَامِلَةُ للَّه، وَكُلُّ مَنْ سِوَاهُ فَبِإِقْدَارِهِ صَارَ قَادِرًا، وَبِإِعْزَازِهِ صَارَ عَزِيزًا، فَالْعِزَّةُ الْحَاصِلَةُ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَحْصُلْ إِلَّا مِنَ اللَّه تَعَالَى، فَكَانَ الْأَمْرُ عند التحقيق أن العزة جميعا للَّه. ثم قال تعالى:

[سورة النساء (4) : آية 140]
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140)
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا فِي مَجَالِسِهِمْ يخوضون في ذكر القرآن ويستهزؤن بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [الْأَنْعَامِ: 68]
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست