responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 212
بِالرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ الْمُبَرَّأَ عَنْ جِهَاتِ الرَّيْبِ يَكُونُ جَارِيًا مَجْرَى الرُّؤْيَةِ فِي الْقُوَّةِ وَالظُّهُورِ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدٌ قَضَيْتُ بِمَا أَرَانِي اللَّه تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إِلَّا لِنَبِيِّهِ، وَأَمَّا الْوَاحِدُ مِنَّا فَرَأْيُهُ يَكُونُ ظَنًّا وَلَا يَكُونُ عِلْمًا.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ يَحْكُمُ إِلَّا بِالْوَحْيِ وَالنَّصِّ.
وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: تَفَرَّعَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ: إحداهما: أنه لما ثبت أنه عليه والصلاة وَالسَّلَامُ مَا كَانَ يَحْكُمُ إِلَّا بِالنَّصِّ ثَبَتَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ مَا كَانَ جَائِزًا لَهُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إِلَّا بِالنَّصِّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَالُ الْأُمَّةِ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّبِعُوهُ [الْأَعْرَافِ: 158] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ حَرَامًا.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا قَامَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ كَانَ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ عَمَلًا بِالنَّصِّ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: مَهْمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ أَنَّ حُكْمَ الصُّورَةِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا مِثْلُ حُكْمِ الصُّورَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ أَمْرٍ جَامِعٍ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَاعْلَمْ أَنَّ تَكْلِيفِي فِي حَقِّكَ أَنْ تَعْمَلَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ الظَّنِّ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الْعَمَلُ بِهَذَا الْقِيَاسِ عَمَلًا بِعَيْنِ النَّصِّ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَعْنَى الْآيَةِ: وَلَا تَكُنْ لِأَجْلِ الْخَائِنِينَ مُخَاصِمًا لِمَنْ كَانَ بَرِيئًا عَنِ الذَّنْبِ، يَعْنِي/ لَا تُخَاصِمِ الْيَهُودَ لِأَجْلِ الْمُنَافِقِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: خَصْمُكَ الَّذِي يُخَاصِمُكَ، وَجَمْعُهُ الْخُصَمَاءُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْخَصْمِ وَهُوَ نَاحِيَةُ الشَّيْءِ وَطَرَفُهُ، وَالْخَصْمُ طَرَفُ الزَّاوِيَةِ وَطَرَفُ الْأَشْفَارِ، وَقِيلَ لِلْخَصْمَيْنِ خَصْمَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْحُجَّةِ وَالدَّعْوَى، وَخُصُومُ السَّحَابَةِ جَوَانِبُهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الطَّاعِنُونَ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى صُدُورِ الذَّنْبِ مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَ لِأَجْلِ الْخَائِنِ وَيَذُبَّ عَنْهُ وَإِلَّا لَمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْمَنْهِيِّ فَاعِلًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ، بَلْ
ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّ قَوْمَ طُعْمَةَ لَمَّا الْتَمَسُوا مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ يَذُبَّ عَنْ طُعْمَةَ وَأَنْ يُلْحِقَ السَّرِقَةَ بِالْيَهُودِيِّ تَوَقَّفَ وَانْتَظَرَ الْوَحْيَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ،
وَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا النَّهْيِ تَنْبِيهَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنَّ طُعْمَةَ كَذَّابٌ، وَأَنَّ الْيَهُودِيَّ بَرِيءٌ عَنْ ذَلِكَ الْجُرْمِ.
فَإِنْ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْجُرْمَ قَدْ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً فَلَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِالِاسْتِغْفَارِ دَلَّ عَلَى سَبْقِ الذَّنْبِ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لَعَلَّهُ مَالَ طَبْعُهُ إِلَى نُصْرَةِ طُعْمَةَ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ فِي الظَّاهِرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِهَذَا الْقَدْرِ، وَحَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ. وَالثَّانِي: لَعَلَّ الْقَوْمَ لَمَّا شَهِدُوا عَلَى سَرِقَةِ الْيَهُودِيِّ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست