responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 74
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ مَنْ هُوَ؟ فِيهِ خِلَافٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَلِي مَنْ قِبَلَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَيْهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَالِحِي الأمة وذلك لأن قوله: خِفْتُمْ خطاب للجميع وَلَيْسَ حَمْلُهُ عَلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْبَقِيَّةِ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْكُلِّ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ خِطَابًا لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ قَالَ فَابْعَثُوا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَمْرًا لِآحَادِ الْأُمَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَثَبَتَ أَنَّهُ سَوَاءٌ وُجِدَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، فَلِلصَّالِحِينَ أَنْ يَبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا لِلْإِصْلَاحِ. وَأَيْضًا فَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى دَفْعِ الضَّرَرِ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقُومَ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا، فَذَاكَ الشِّقَاقُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا، أَوْ يُشْكِلُ، فَإِنْ كَانَ مِنْهَا فَهُوَ النُّشُوزُ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فِعْلًا حَلَالًا/ مِثْلَ التَّزَوُّجِ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى، أَوْ تَسَرَّى بِجَارِيَةٍ، عَرَفَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَنُهِيَتْ عَنِ الشِّقَاقِ، فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا كَانَ نُشُوزًا، وَإِنْ كَانَ بِظُلْمٍ مِنْ جِهَتِهِ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِالْوَاجِبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ الْأَمْرُ مُتَشَابِهًا، فَالْقَوْلُ أَيْضًا مَا قُلْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ الْحَاكِمُ عَدْلَيْنِ وَيَجْعَلَهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِهِ وَوَاحِدٌ مِنْ أَهْلِهَا، لِأَنَّ أَقَارِبَهُمَا أَعْرَفُ بِحَالِهِمَا مِنَ الْأَجَانِبِ، وَأَشَدُّ طَلَبًا لِلصَّلَاحِ، فَإِنْ كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ جَازَ. وَفَائِدَةُ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَخْلُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَيَسْتَكْشِفَ حَقِيقَةَ الْحَالِ، لِيَعْرِفَ أَنَّ رَغْبَتَهُ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى النِّكَاحِ، أَوْ فِي الْمُفَارَقَةِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْحَكَمَانِ فَيَفْعَلَانِ مَا هُوَ الصَّوَابُ من إيقاع طلاق أو خلع.
المسألة السَّابِعَةُ: هَلْ يَجُوزُ لِلْحَكَمَيْنِ تَنْفِيذُ أَمْرٍ يُلْزِمُ الزَّوْجَيْنِ بِدُونِ إِذْنِهِمَا، مِثْلَ أَنْ يُطَلِّقَ حَكَمُ الرَّجُلِ، أَوْ يَفْتَدِيَ حَكَمُ الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا؟ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَبِهِ قال مالك وإسحاق. وَالثَّانِي:
لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَلَى هَذَا هُوَ وَكَالَةٌ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَدِيثَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَهُوَ مَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمْعٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ عَلِيٌّ بِأَنْ يَبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ:
تَعْرِفَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا فَاجْمَعَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَفَرِّقَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى فِيمَا عَلَيَّ وَلِيَ فِيهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ واللَّه حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلٌ.
أَمَّا دَلِيلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّهُ بُعِثَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَقَالَ: عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا فَاجْمَعَا، وَأَقَلُّ مَا فِي قَوْلِهِ: عَلَيْكُمَا، أَنْ يَجُوزَ لَهُمَا ذَلِكَ.
وَأَمَّا دَلِيلُ الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا لَمْ يَرْضَ تَوَقَّفَ عَلِيٌّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: كَذَبْتَ، أَيْ لَسْتَ بِمُنْصِفٍ فِي دَعْوَاكَ حَيْثُ لَمْ تَفْعَلْ مَا فَعَلَتْ هِيَ. وَمِنَ النَّاسِ مَنِ احْتَجَّ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ وَالْحَكَمُ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِذَا جَعَلَهُ حَاكِمًا فَقَدْ مَكَّنَهُ مِنَ الْحُكْمِ، وَمِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ لِلْقَوْلِ الثَّانِي بِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْحَكَمَيْنِ، لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِمَا إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَا وَرَاءَ الْإِصْلَاحِ غَيْرَ مُفَوَّضٍ إِلَيْهِمَا.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست