responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 48
تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ
[الْإِسْرَاءِ: 31] وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ زَوَالِ هَذِهِ الحالة، وقوله: لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً [آلِ عِمْرَانَ: 130] لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى إِبَاحَةِ الْأَكْلِ عِنْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْحَالَةِ، فَيُقَالُ لَهُ:
ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إِلَّا أن تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، كَمَا أَنَّ عِنْدَكَ ظَاهِرَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَقَدْ يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ لِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، وَالسُّؤَالُ الْجَيِّدُ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، حَيْثُ قُلْنَا: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ وَطْءَ الْحُرَّةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَا يَكُونُ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَنْقَلِبُ الْآيَةُ حُجَّةً لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ فَسَّرُوا الطَّوْلَ بِالْغِنَى، وَعَدَمُ الْغِنَى تَأْثِيرُهُ فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَقْدِ، لَا فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ. وَاحْتَجَّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِالْعُمُومَاتِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: / فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ [النِّسَاءِ: 3] وَقَوْلِهِ: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَقَوْلِهِ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ وَقَوْلِهِ:
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة: 5] وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِلْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ. وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْإِحْصَانِ الْعِفَّةُ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ آيَتَنَا خَاصَّةٌ، وَالْخَاصُّ مقدم على العام، ولأنه دخلها التخصيص فيا إِذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ صَوْنًا لِلْوَلَدِ، عَنِ الْإِرْقَاقِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ يَقْتَضِي كَوْنَ الْإِيمَانِ مُعْتَبَرًا فِي الْحُرَّةِ، فَعَلَى هَذَا: لَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ مَسْلِمَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذِكْرَ الْإِيمَانِ فِي الْحَرَائِرِ نَدْبٌ وَاسْتِحْبَابٌ، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنَةِ فِي كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ وَقِلَّتِهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ بِالْكِتَابِيَّاتِ الْبَتَّةَ، وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَاتِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ يَتَعَيَّنُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَلَوْ كَانَ التَّزَوُّجُ بِالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ جَائِزًا، لَكَانَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَمْ تَكُنِ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ مُتَعَيِّنَةً، وَذَلِكَ يَنْفِي دَلَالَةَ الْآيَةِ. ثُمَّ أَكَّدُوا هَذِهِ الدَّلَالَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [الْبَقَرَةِ: 221] وَقَدْ بَيَّنَّا بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ مُشْرِكَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَالسَّبَبُ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا كَانَتِ الْأُمُّ رَقِيقَةً عُلِّقَ الْوَلَدُ رَقِيقًا، وَذَلِكَ يُوجِبُ النَّقْصَ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ وَفِي حَقِّ وَلَدِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تَكُونُ تَعَوَّدَتِ الْخُرُوجَ وَالْبُرُوزَ وَالْمُخَالَطَةَ بِالرِّجَالِ وَصَارَتْ فِي غَايَةِ الْوَقَاحَةِ، وَرُبَّمَا تَعَوَّدَتِ الْفُجُورَ، وَكُلُّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْأَزْوَاجِ. الثَّالِثُ:
أَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ، فَمِثْلُ هَذِهِ الزَّوْجَةِ لَا تَخْلُصُ لِلزَّوْجِ كَخُلُوصِ الْحُرَّةِ، فَرُبَّمَا احْتَاجَ الزَّوْجُ إِلَيْهَا جِدًّا وَلَا يَجِدُ إِلَيْهَا سَبِيلًا لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْنَعُهَا وَيَحْبِسُهَا. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمَوْلَى قَدْ يَبِيعُهَا مِنْ إِنْسَانٍ آخَرَ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا، تَصِيرُ مُطَلَّقَةً شَاءَ الزَّوْجُ أَمْ أَبَى، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ فَقَدْ يُسَافِرُ الْمَوْلَى الثَّانِي بِهَا وَبِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَضَارِّ. الْخَامِسُ: أَنَّ مَهْرَهَا مِلْكٌ لِمَوْلَاهَا، فَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى هِبَةِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست