responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 46
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ مَنْ يَحِلُّ وَمَنْ لَا يَحِلُّ: بَيَّنَ فِيمَنْ يَحِلُّ أَنَّهُ مَتَى يَحِلُّ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَحِلُّ فَقَالَ:
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ الْكِسَائِيُّ الْمُحْصِنَاتِ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَكَذَلِكَ مُحْصِنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَكَذَلِكَ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصِنَاتِ كُلُّهَا بِكَسْرِ الصَّادِ، وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، فَالْفَتْحُ مَعْنَاهُ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ، وَالْكَسْرُ مَعْنَاهُ الْعَفَائِفُ وَالْحَرَائِرُ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الطَّوْلُ: الْفَضْلُ، وَمِنْهُ التَّطَوُّلُ وَهُوَ التَّفَضُّلُ، وَقَالَ تَعَالَى: ذِي الطَّوْلِ [غافر: 3] وَيُقَالُ: تَطَاوَلَ لِهَذَا الشَّيْءِ أَيْ تَنَاوَلَهُ، كَمَا يُقَالُ: يَدُ فُلَانٍ مَبْسُوطَةٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الطُّولِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْقِصَرِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ طَوِيلًا فَفِيهِ كَمَالٌ وَزِيَادَةٌ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَصِيرًا فَفِيهِ قُصُورٌ وَنُقْصَانٌ، وَسُمِّيَ الْغِنَى أَيْضًا طَوْلًا، لِأَنَّهُ يُنَالُ بِهِ من المرادات مالا يُنَالُ عِنْدَ الْفَقْرِ، كَمَا أَنَّ بِالطُّولِ يُنَالُ مَا لَا يُنَالُ بِالْقِصَرِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الطَّوْلُ الْقُدْرَةُ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ «يَسْتَطِعْ» وَ «أَنْ يَنْكِحَ» فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ الْقُدْرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: الِاسْتِطَاعَةُ هِيَ الْقُدْرَةُ، وَالطَّوْلُ أَيْضًا هُوَ الْقُدْرَةُ، فَيَصِيرُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ/ مِنْكُمْ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ الْمُحْصَنَاتِ، فَمَا فَائِدَةُ هَذَا التَّكْرِيرِ فِي ذِكْرِ الْقُدْرَةِ؟
قُلْنَا: الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى فَمَنْ لَمْ يستطع منكم استطاعة بالنكاح المحصنات، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ، فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِاللُّغَةِ.
أَمَّا مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فَوُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ زِيَادَةً فِي الْمَالِ وَسَعَةً يَبْلُغُ بِهَا نِكَاحَ الْحُرَّةِ فَلْيَنْكِحْ أَمَةً. الثَّانِي: أَنْ يُفَسَّرَ النِّكَاحُ بِالْوَطْءِ، وَالْمَعْنَى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا وَطْءَ الْحَرَائِرِ فَلْيَنْكِحْ أَمَةً، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَكُلُّ مَنْ لَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْأَمَةِ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَائِقٌ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى التَّزَوُّجِ بِالْحُرَّةِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ. وَالثَّالِثُ: الِاكْتِفَاءُ بِالْحُرَّةِ، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأَمَةِ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ إِنَّمَا حَصَلَتْ، لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِطَاعَةِ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ هُوَ الْحَرَائِرُ، وَيَدُلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ عِنْدَ تَعَذُّرِ نِكَاحِ الْمُحْصَنَاتِ نِكَاحَ الْإِمَاءِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ من
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست