responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 35
ثُمَّ الْمُرَادُ مِنَ الْمُحْصَنَاتِ هُنَاكَ الْحَرَائِرُ، فَكَذَا هاهنا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَفِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ إِلَّا الْعَدَدَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه مِلْكًا لَكُمْ وَهُوَ الْأَرْبَعُ، فَصَارَ التَّقْدِيرُ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْحَرَائِرُ إِلَّا الْعَدَدَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه مِلْكًا لَكُمْ وَهُوَ الْأَرْبَعُ، الثَّانِي: الْحَرَائِرُ مُحَرَّمَاتٌ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا أَثْبَتَ اللَّه لَكُمْ مِلْكًا عَلَيْهِنَّ، وَذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَسَائِرِ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، فَهَذَا الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ [المعارج: 29، 30] ، جَعَلَ مِلْكَ الْيَمِينِ عِبَارَةً عَنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فيها، فوجب أن يكون هاهنا مُفَسَّرًا بِذَلِكَ، لِأَنَّ تَفْسِيرَ كَلَامِ اللَّه تَعَالَى بِكَلَامِ اللَّه أَقْرَبُ الطُّرُقِ إِلَى الصِّدْقِ وَالصَّوَابِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْآخَرِ وَأُخْرِجَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ.
أَمَّا إِذَا سُبِيَا مَعًا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: هاهنا تَزُولُ الزَّوْجِيَّةُ، وَيَحِلُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ بِالْحَيْضِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ: لَا تَزُولُ. حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ ذَاتِ الْأَزْوَاجِ ثُمَّ قَوْلُهُ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَ طَرَيَانِ الْمِلْكِ تُرْفَعُ الْحُرْمَةُ وَيَحْصُلُ الْحِلُّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: لَوْ حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ بِمُجَرَّدِ طَرَيَانِ الْمِلْكِ لَوَجَبَ أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بِشِرَاءِ الْأَمَةِ وَاتِّهَابِهَا وَإِرْثِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَيُقَالُ لَهُ: كَأَنَّكَ مَا سَمِعْتَ أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي، وَأَيْضًا: فَالْحَاصِلُ عِنْدَ السَّبْيِ إِحْدَاثُ الْمِلْكِ فِيهَا، وَعِنْدَ الْبَيْعِ نُقِلَ الْمِلْكُ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَقْوَى، فَظَهَرَ الْفَرْقُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ الْأَمَةَ الْمَنْكُوحَةَ إِذَا بِيعَتْ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْفُقَهَاءِ الْيَوْمَ، وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ: إِنَّهَا إِذَا بِيعَتْ طُلِّقَتْ. حُجَّةُ الْجُمْهُورِ: أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَأَعْتَقَتْهَا خَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مُزَوَّجَةً، وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْبَيْعِ لَمَا كَانَ لِذَلِكَ التَّخْيِيرِ فَائِدَةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ
رَوَى فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا»
وَحُجَّةُ أبي كَعْبٍ/ وَابْنِ مَسْعُودٍ عُمُومُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْهُ يَرْجِعُ إِلَى تَخْصِيصِ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ واللَّه أَعْلَمُ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ ذِكْرَ الْمُحَرَّمَاتِ بِقَوْلِهِ: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الفعل فان قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ يدل على معنى الكتبة فَالتَّقْدِيرُ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ تَحْرِيمُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ كِتَابًا مِنَ اللَّه، وَمَجِيءُ الْمَصْدَرِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الْفِعْلِ كَثِيرٌ نَظِيرُهُ وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ [النَّمْلِ: 88] الثَّانِي: قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى جِهَةِ الْأَمْرِ، وَيَكُونَ «عَلَيْكُمْ» مُفَسِّرًا لَهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: الْزَمُوا كِتَابَ اللَّه.
ثُمَّ قَالَ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَأُحِلَّ لَكُمْ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَالْحَاءِ عَطْفًا عَلَى كِتابَ اللَّهِ يَعْنِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْكُمْ تَحْرِيمَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَهَا.
المسألة الثاني: اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ يَقْتَضِي حِلَّ كُلِّ مَنْ سِوَى الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست