responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 141
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: وَما لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ وَاجِبٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَكُمْ فِي تَرْكِ الْمُقَاتَلَةِ وَقَدْ بَلَغَ حَالُ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا بَلَغَ فِي الضَّعْفِ، فَهَذَا حَثٌّ شَدِيدٌ عَلَى الْقِتَالِ، وَبَيَانُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا صَارَ الْقِتَالُ وَاجِبًا، وَهُوَ مَا فِي الْقِتَالِ مِنْ/ تَخْلِيصِ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ، لِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إِلَى الْجِهَادِ يَجْرِي مَجْرَى فِكَاكِ الْأَسِيرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ قَوْلُهُ: وَما لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ وَبَيَانُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمُ الْبَتَّةَ فِي تَرْكِهِ، وَلَوْ كَانَ فِعْلُ الْعَبْدِ بِخَلْقِ اللَّه لَبَطَلَ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْعُذْرِ أَنَّ اللَّه مَا خَلَقَهُ وَمَا أَرَادَهُ وَمَا قَضَى بِهِ، وَجَوَابُهُ مَذْكُورٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أن يكون عطفا على السبيل، والمعنى: مالكم لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْمِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أَيْ فِي سَبِيلِ اللَّه وَفِي سَبِيلِ الْمُسْتَضْعَفِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمُرَادُ بِالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَقُوا بِمَكَّةَ وَعَجَزُوا عَنِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يَلْقَوْنَ مِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ أَذًى شَدِيدًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْوِلْدَانُ: جَمْعُ الْوَلَدِ، وَنَظِيرُهُ مِمَّا جَاءَ عَلَى فِعْلٍ وَفِعْلَانِ، نَحْوَ حِزْبٍ وَحِزْبَانِ، وَوِرْكٍ وَوِرْكَانِ، كَذَلِكَ وِلْدٌ وَوِلْدَانٌ. قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْأَحْرَارُ وَالْحَرَائِرُ، وَبِالْوِلْدَانِ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ يُقَالُ لَهُمَا الْوَلِيدُ وَالْوَلِيدَةُ، وجمعهما الولدان والولائد، إلا أنه جعل هاهنا الْوِلْدَانَ جَمْعًا لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ تَغْلِيبًا لِلذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ، كَمَا يُقَالُ آبَاءٌ وَإِخْوَةٌ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّه الْوِلْدَانَ مُبَالَغَةً فِي شَرْحِ ظُلْمِهِمْ حَيْثُ بَلَغَ أَذَاهُمُ الْوِلْدَانَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِينَ إِرْغَامًا لِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَمَبْغَضَةً لَهُمْ بِمَكَانِهِمْ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ كَانُوا يُشْرِكُونَ صِبْيَانَهُمْ فِي دُعَائِهِمِ اسْتِنْزَالًا لِرَحْمَةِ اللَّه بِدُعَاءِ صِغَارِهِمُ الَّذِينَ لَمْ يُذْنِبُوا، كَمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِإِخْرَاجِهِمْ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ حَكَى تَعَالَى عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا مَكَّةُ، وَكَوْنُ أَهْلُهَا مَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَانَ: 13] وَأَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيُوصِلُونَ إِلَيْهِمْ أَنْوَاعَ الْمَكَارِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْقَرْيَةُ مُؤَنَّثَةٌ، وَقَوْلُهُ: الظَّالِمِ أَهْلُها صِفَةٌ لِلْقَرْيَةِ وَلِذَلِكَ خَفَضَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الظَّالِمَةُ أَهْلُهَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّحْوِيِّينَ يُسَمُّونَ مِثْلَ هَذِهِ الصِّفَةِ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّكَ إِذَا أَدْخَلْتَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْأَخِيرِ أَجْرَيْتَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي تَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيثِهِ، نَحْوُ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ حَسَنَةِ الزَّوْجِ كَرِيمَةِ الْأَبِ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ جَمِيلِ الْجَارِيَةِ، وَإِذَا لَمْ تُدْخِلِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْأَخِيرِ حَمَلْتَهُ عَلَى الثَّانِي فِي تَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيثِهِ كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ كَرِيمٍ أَبُوهَا، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست