responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 129
لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الِانْقِيَادَ لِحُكْمِهِمْ وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ الْإِيجَابِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ ذَلِكَ الِانْقِيَادِ فِي الظَّاهِرِ وَفِي الْقَلْبِ، وَذَلِكَ يَنْفِي صُدُورَ الْخَطَأِ عَنْهُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التَّوْبَةِ: 43] وَأَنَّ فَتْوَاهُ فِي أُسَارَى بَدْرٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التَّحْرِيمِ: 1] وَأَنَّ قَوْلَهُ:
عَبَسَ وَتَوَلَّى [عَبَسَ: 1] كُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي لَخَّصْنَاهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُوَ الْإِلْزَامُ، وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ النَّصِّ بِالْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مُتَابَعَةُ قَوْلِهِ وَحُكْمِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَلَّمَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّكَالِيفِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ تَقْدِيمَ عُمُومِ الْقُرْآنِ وَالْخَبَرِ عَلَى حُكْمِ الْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ:
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى خَطَرَ بِبَالِهِ قِيَاسٌ يُفْضِي إِلَى نَقِيضِ مَدْلُولِ النَّصِّ فَهُنَاكَ يَحْصُلُ الْحَرَجُ فِي النَّفْسِ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ إِيمَانُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى ذَلِكَ الْحَرَجِ، وَيُسَلِّمَ النَّصَّ تَسْلِيمًا كُلِّيًّا، وَهَذَا الْكَلَامُ قَوِيٌّ حَسَنٌ لِمَنْ أَنْصَفَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَوْ كَانَتِ الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي بِقَضَاءِ اللَّه تعالى لزوم التَّنَاقُضُ، / وَذَلِكَ لَأَنَّ الرَّسُولَ إِذَا قَضَى عَلَى إِنْسَانٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ الْفِعْلَ الْفُلَانِيَّ وَجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ الرِّضَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَضَاءُ الرَّسُولِ. وَالرِّضَا بِقَضَاءِ الرَّسُولِ وَاجِبٌ لِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ لَوْ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ عَلَى خِلَافِ فَتْوَى الرَّسُولِ، فَلَوْ كَانَتِ الْمَعَاصِي بِقَضَاءِ اللَّه لَكَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِقَضَاءِ اللَّه، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّه وَاجِبٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الرِّضَا بِذَلِكَ الْفِعْلِ. لِأَنَّهُ قَضَاءُ اللَّه، فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُمُ الرِّضَا بِالْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مَعًا، وَذَلِكَ مُحَالٌ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَضَاءِ الرَّسُولِ الْفَتْوَى الْمَشْرُوعَةُ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَضَاءِ اللَّه التَّكْوِينُ وَالْإِيجَادُ، وَهُمَا مَفْهُومَانِ مُتَغَايِرَانِ، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَا يُفْضِي إلى التناقض.

[سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 68]
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (68)
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِ الْمُنَافِقِينَ وَتَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِخْلَاصِ وَتَرْكِ النِّفَاقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّا لَوْ شَدَّدْنَا التَّكْلِيفَ عَلَى النَّاسِ، نَحْوَ أَنْ نَأْمُرَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْأَوْطَانِ لَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَمَا فَعَلَهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ كُفْرُهُمْ وَعِنَادُهُمْ، فَلَمَّا لَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنَّا عَلَى عِبَادِنَا بَلِ اكْتَفَيْنَا بِتَكْلِيفِهِمْ فِي الْأُمُورِ السَّهْلَةِ، فَلْيَقْبَلُوهَا بِالْإِخْلَاصِ وَلْيَتْرُكُوا التَّمَرُّدَ وَالْعِنَادَ حَتَّى يَنَالُوا خَيْرَ الدارين، [في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ: أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ بِضَمِّ النُّونِ فِي «أَنْ» وَضَمِّ وَاوِ «أَوْ»
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست