responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 12
كَانَ يَكْرَهُ زَوْجَتَهُ وَيُرِيدُ مُفَارَقَتَهَا، فَكَانَ يُسِيءُ الْعِشْرَةَ مَعَهَا وَيُضَيِّقُ عَلَيْهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَا يَحِلُّ لَكُمُ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ بِالْإِكْرَاهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ بِهِنَّ الْعَضْلُ وَالْحَبْسُ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ. الثَّانِي: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْوَارِثِ بِأَنْ يَتْرُكَ مَنْعَهَا مِنَ التَّزَوُّجِ بِمَنْ شَاءَتْ وَأَرَادَتْ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْبِسُونَ امْرَأَةَ الْمَيِّتِ وَغَرَضُهُمْ أَنْ تَبْذُلَ الْمَرْأَةُ مَا أَخَذَتْ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ، الثَّالِثُ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَنَهْيٌ لَهُمْ عَنْ عَضْلِ الْمَرْأَةِ، الرَّابِعُ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ. فَإِنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُطَلِّقُونَ الْمَرْأَةَ وَكَانُوا يَعْضُلُونَهُنَّ عَنِ التَّزَوُّجِ وَيُضَيِّقُونَ الْأَمْرَ عَلَيْهِنَّ لِغَرَضِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُنَّ شَيْئًا، الْخَامِسُ: أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْكُلِّ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا النُّشُوزُ وَشَكَاسَةُ الْخُلُقِ وَإِيذَاءُ الزَّوْجِ وَأَهْلِهِ، وَالْمَعْنَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ سُوءُ الْعِشْرَةِ مِنْ جِهَتِهِنَّ فَقَدْ عُذِرْتُمْ فِي طَلَبِ الْخُلْعِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِلَّا أَنْ يُفْحَشَ عَلَيْكُمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا الزِّنَا، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَأَبِي قِلَابَةَ وَالسُّدِّيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَاذَا؟ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَخْذِ الْأَمْوَالِ، يَعْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا ضِرَارًا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ إِلَّا إِذَا زَنَتْ، وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَقِيَ هَذَا الْحُكْمُ وَمَا نُسِخَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْجَلْدِ. الثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْحَبْسِ وَالْإِمْسَاكِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ [النساء: 15] وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ/ وَزَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ. الثَّالِثُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِأَنَّ الْعَضْلَ هُوَ الْحَبْسُ فَدَخَلَ فِيهِ الْحَبْسُ فِي الْبَيْتِ، فَالْأَوْلِيَاءُ وَالْأَزْوَاجُ نُهُوا عَنْ حَبْسِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَحِلُّ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَزْوَاجِ حَبْسُهُنَّ فِي الْبُيُوتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو مُبَيِّنَةٍ بِكَسْرِ الْيَاءِ وآيات مبينات [النور: 34] بِفَتْحِ الْيَاءِ حَيْثُ كَانَ، قَالَ لِأَنَّ فِي قوله: مبينات قَصَدَ إِظْهَارَهَا، وَفِي قَوْلِهِ: بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ لَمْ يَقْصِدْ إِظْهَارَهَا، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْيَاءِ فِيهِمَا، أَمَّا مَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفَاحِشَةَ وَالْآيَاتِ لَا فِعْلَ لَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ، إِنَّمَا اللَّه تَعَالَى هُوَ الَّذِي بَيَّنَهُمَا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَاحِشَةَ تَتَبَيَّنُ، فَإِنْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ صَارَتْ مُبَيَّنَةً، وَأَمَّا الْآيَاتُ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى بَيَّنَهَا، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَوَجْهُهُ أَنَّ الْآيَاتِ إِذَا تَبَيَّنَتْ وَظَهَرَتْ صَارَتْ أَسْبَابًا لِلْبَيَانِ وَإِذَا صَارَتْ أَسْبَابًا لِلْبَيَانِ جَازَ إِسْنَادُ الْبَيَانِ إِلَيْهَا، كَمَا أَنَّ الْأَصْنَامَ لَمَّا كَانَتْ أَسْبَابًا لِلضَّلَالِ حَسُنَ إِسْنَادُ الْإِضْلَالِ إِلَيْهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ [إِبْرَاهِيمَ: 36] .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِنَ التَّكَالِيفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْوَالِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُسِيئُونَ مُعَاشَرَةَ النِّسَاءِ فَقِيلَ لَهُمْ: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ النَّصَفَةُ فِي الْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ، وَالْإِجْمَالُ فِي الْقَوْلِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ أَيْ كَرِهْتُمْ عِشْرَتَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَصُحْبَتَهُنَّ، وَآثَرْتُمْ فِرَاقَهُنَّ فَعَسى أَنْ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست