responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 114
بِوُجُوهٍ أُخْرَى أَقْوَى مِنْهَا: فَأَحَدُهَا: أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَرَاءَ وَالسَّلَاطِينَ إِنَّمَا يَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا عُلِمَ بِالدَّلِيلِ أَنَّهُ حَقٌّ وَصَوَابٌ، وَذَلِكَ الدَّلِيلُ لَيْسَ إِلَّا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا قِسْمًا مُنْفَصِلًا عَنْ طَاعَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَنْ طَاعَةِ اللَّه وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، بَلْ يَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ، كَمَا أَنَّ وُجُوبَ طَاعَةِ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ وَالْوَلَدِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَالتِّلْمِيذِ لِلْأُسْتَاذِ دَاخِلٌ فِي طَاعَةِ اللَّه وَطَاعَةِ الرَّسُولِ، أَمَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقِسْمُ دَاخِلًا تَحْتَهَا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى حُكْمٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ، فَحِينَئِذٍ أَمْكَنَ جَعْلُ هَذَا الْقِسْمِ مُنْفَصِلًا عَنِ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَهَذَا أَوْلَى. وَثَانِيهَا: أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ يَقْتَضِي إِدْخَالَ الشَّرْطِ فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ طَاعَةَ الْأُمَرَاءِ إِنَّمَا تَجِبُ إِذَا كَانُوا مَعَ الْحَقِّ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ لَا يَدْخُلُ الشَّرْطُ فِي الْآيَةِ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى. وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَعْدُ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ مُشْعِرٌ بِإِجْمَاعٍ مُقَدَّمٍ يُخَالِفُ حُكْمُهُ حُكْمَ هَذَا التَّنَازُعِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ طَاعَةَ اللَّه وَطَاعَةَ رَسُولِهِ وَاجِبَةٌ قَطْعًا، وَعِنْدَنَا أَنَّ طَاعَةَ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ وَاجِبَةٌ قَطْعًا، وَأَمَّا طَاعَةُ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ فَغَيْرُ وَاجِبَةٍ قَطْعًا، بَلِ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمُرُونَ إِلَّا بِالظُّلْمِ، وَفِي الْأَقَلِّ تَكُونُ وَاجِبَةً بِحَسَبِ الظَّنِّ الضَّعِيفِ، فَكَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ فَكَانَ حَمْلُ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ مَقْرُونٌ بِالرَّسُولِ عَلَى الْمَعْصُومِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى/ الْفَاجِرِ الْفَاسِقِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّ أَعْمَالَ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ، وَالْعُلَمَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ أُمَرَاءُ الْأُمَرَاءِ، فَكَانَ حَمْلُ لَفْظِ أُولِي الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ أَوْلَى، وَأَمَّا حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ عَلَى مَا تَقُولُهُ الرَّوَافِضُ فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ طَاعَتَهُمْ مَشْرُوطَةٌ بِمَعْرِفَتِهِمْ وَقُدْرَةِ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ، فَلَوْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا طَاعَتَهُمْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِمْ كَانَ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا طَاعَتَهُمْ إِذَا صِرْنَا عَارِفِينَ بِهِمْ وَبِمَذَاهِبِهِمْ صَارَ هَذَا الْإِيجَابُ مَشْرُوطًا، وَظَاهِرُ قَوْلُهُ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ، وَأَيْضًا فَفِي الْآيَةِ مَا يَدْفَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ وَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ فِي لَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَاللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً وَمَشْرُوطَةً مَعًا، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُطْلَقَةً فِي حَقِّ الرَّسُولِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً فِي حَقِّ أُولِي الْأَمْرِ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ، وَأُولُو الْأَمْرِ جَمْعٌ، وَعِنْدَهُمْ لَا يَكُونُ فِي الزَّمَانِ إِلَّا إِمَامٌ وَاحِدٌ، وَحَمْلُ الْجَمْعِ عَلَى الْفَرْدِ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِأُولِي الْأَمْرِ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ لَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الْإِمَامِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ حُكْمُهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ، أَوِ الْمُرَادُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ حُكْمُهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ طَاعَتُهُ فَكَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلُهُ:
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِعَادَةً لِعَيْنِ مَا مَضَى، وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. وَإِذَا بَطَلَ هَذَا الْقِسْمُ تَعَيَّنَ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ حُكْمُهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَرُدُّوهُ إِلَى
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست