responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 108
أَوْ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْأَصْلُ فَعِنْدَ هَذَا يَبْطُلُ اسْتِدْلَالُ الْمُعْتَزِلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها [النِّسَاءِ: 93] عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ يَبْقَى فِي النَّارِ عَلَى سَبِيلِ التَّأْبِيدِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْخُلُودَ لِطُولِ الْمُكْثِ لَا لِلتَّأْبِيدِ، وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَالْمُرَادُ طَهَارَتُهُنَّ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَجَمِيعِ أَقْذَارِ الدُّنْيَا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سورة البقرة: لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ [الْبَقَرَةِ: 25] وَاللَّطَائِفُ اللَّائِقَةُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي تِلْكَ الْآيَةِ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ:
وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الظَّلِيلُ لَيْسَ يُنْبِئُ عَنِ الْفِعْلِ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ، بَلْ هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي نَعْتِ الظِّلِّ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ: لَيْلٌ أَلْيَلُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بِلَادَ الْعَرَبِ كَانَتْ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ، فَكَانَ الظِّلُّ عِنْدَهُمْ أَعْظَمَ أَسْبَابِ الرَّاحَةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَعَلُوهُ كِنَايَةً عَنِ الرَّاحَةِ.
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ: «السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّه فِي الْأَرْضِ»
فَإِذَا كَانَ الظِّلُّ عِبَارَةً عَنِ الرَّاحَةِ كَانَ الظَّلِيلُ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ الْعَظِيمَةِ فِي الرَّاحَةِ، هَذَا مَا يَمِيلُ إِلَيْهِ خَاطِرِي، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَنْدَفِعُ سُؤَالُ مَنْ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ شَمْسٌ تُؤْذِي بِحَرِّهَا فَمَا فَائِدَةُ وَصْفِهَا بِالظِّلِّ الظَّلِيلِ. وَأَيْضًا نَرَى فِي الدُّنْيَا أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَدُومُ الظِّلُّ فِيهَا وَلَا يَصِلُ نُورُ الشَّمْسِ إِلَيْهَا يَكُونُ هَوَاؤُهَا عَفِنًا فَاسِدًا مُؤْذِيًا فَمَا مَعْنَى وَصْفُ هَوَاءِ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي لَخَّصْنَاهُ تَنْدَفِعُ هَذِهِ الشُّبُهَاتُ.

[سورة النساء (4) : آية 58]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا شَرَحَ بَعْضَ أَحْوَالِ الْكُفَّارِ وَشَرَحَ وَعِيدَهُ عَادَ إِلَى ذِكْرِ التَّكَالِيفِ مَرَّةً أُخْرَى، وَأَيْضًا لَمَّا حَكَى عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ كَتَمُوا الْحَقَّ حَيْثُ قَالُوا لِلَّذِينِ كَفَرُوا: هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا، أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ مِنْ بَابِ الْمَذَاهِبِ وَالدِّيَانَاتِ، أَوْ مِنْ بَابِ الدُّنْيَا وَالْمُعَامَلَاتِ، وَأَيْضًا لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَكَانَ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْأَمَانَةٌ/ لَا جرم أمر بها في هذه الآية. [في قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَغْلَقَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ وَكَانَ سَادِنَ الْكَعْبَةِ بَابَ الْكَعْبَةِ، وَصَعِدَ السَّطْحَ وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ الْمِفْتَاحَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّه لَمْ أَمْنَعْهُ، فَلَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَدَهُ وَأَخَذَهُ مِنْهُ وَفَتَحَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلَهُ الْعَبَّاسُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمِفْتَاحَ وَيَجْمَعَ لَهُ السِّقَايَةَ وَالسَّدَانَةَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى عُثْمَانَ وَيَعْتَذِرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق، فقال: لقد أنزل اللَّه في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية فقال عثمان: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخْبَرَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّدَانَةَ فِي أَوْلَادِ عُثْمَانَ أَبَدًا. فَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ.
وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ: أَعْطِنِي الْمِفْتَاحَ فَقَالَ: هَاكَ بِأَمَانَةِ اللَّه، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ ضَمَّ يَدَهُ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً:
إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللَّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَأَعْطِنِي الْمِفْتَاحَ، فَقَالَ: هَاكَ بِأَمَانَةِ اللَّه، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ ضَمَّ يَدَهُ، فَقَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ مَرَّةً ثَالِثَةً، فَقَالَ عُثْمَانُ فِي الثَّالِثَةِ: هَاكَ بِأَمَانَةِ اللَّه وَدَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست