نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 6 صفحه : 182
جاوز الموضع الّذي أمر به ، فقال لفتاه حين ملّ وتعب : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا
هذا نَصَباً) ، أي شدة وتعبا ، وذلك أنه ألقي على موسى الجوع بعد ما
جاوز الصخرة ، ليتذكر الحوت ، ويرجع إلى موضع مطلبه ، فقال له فتاه وتذكر : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا) : رجعنا (إِلَى الصَّخْرَةِ) ، قال مقاتل : هي الصخرة التي دون نهر الزيت (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ)؟ أي تركته وفقدته.
وقيل : فيه
إضمار معناه : نسيت أن أذكر أمر الحوت ، ثمّ قال : (وَما أَنْسانِيهُ
إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) ، يعني : أنسانيه ألّا أذكره. وقيل : فيه تقديم وتأخير
مجازه : وما أنسانيه أن أذكره إلّا الشيطان ، (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ
فِي الْبَحْرِ عَجَباً) ، يجوز أن يكون هذا من قول يوشع ، يقول : (اتَّخَذَ) الحوت (سَبِيلَهُ فِي
الْبَحْرِ عَجَباً). وقيل : إن يوشع يقول : إن الحوت طفر إلى البحر فاتّخذ
فيه مسلكا ، فعجبت من ذلك عجبا. ويجوز أن يكون هذا من قول موسى ، قال له يوشع : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) ، فأجابه موسى : (عَجَباً) كأنه قال : أعجب عجبا.
وقال ابن زيد :
أي شيء أعجب من حوت ، كان دهرا من الدهور يؤكل منه ثمّ صار حيّا حتى حشر في البحر.
قال : وكان شق حوت. وقال ابن عباس : (اتَّخَذَ) موسى سبيل الحوت (فِي الْبَحْرِ عَجَباً). قال وهب : ظهر في الماء من أثر جري الحوت شق وأخدود
شبه نهر من حيث دخلت إلى حيث انتهت. فرجع موسى حتى انتهى إلى مجمع البحرين ، فإذا
هو بالخضر عليهالسلام ، فذلك قوله : (قالَ) موسى لفتاه : (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) أي نطلب ، يعني الخضر (فَارْتَدَّا) : فرجعا (عَلى آثارِهِما
قَصَصاً) : يقصان الأثر : يتبعانه.
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ
عِبادِنا) يعني الخضر [١] واسمه بليا بن ملكان بن يقطن ، والخضر لقب له ، سمّي
بذلك ، لما [أخبرنا عبد الله بن حامد عن مكّي بن عبدان : أخبرنا أبو الأزهر عن عبد
الرزاق عن] [٢] معمر عن همام بن منبّه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : «إنما سمي الخضر خضرا ؛ لأنه جلس على فروة بيضاء
فاهتزت [٣] تحته خضراء» [٤] [٨٤].
[قال عبد
الرزاق : فروة بيضاء يعني : حشيشة يابسة ، [و] فروة : قطعة من الأرض فيها نبات] [٥]. وقال مجاهد :
إنما سمي الخضر ؛ لأنه إذا صلّى اخضرّ ما حوله. وروى عبد الله بن المبارك عن ابن
جريج عن عثمان بن أبي سلمان قال : رأى موسى الخضر عليهالسلام على طنفسة خضراء على وجه الماء ، فسلّم عليه.
وقال ابن عباس
عن أبيّ بن كعب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم
[١] في المخطوط
علامة سقط بعدها ، لكن لم يظهر في مصوّرة المخطوط.
[٢] من نسخة ثانية ،
وفي النسخة المعتمدة بدله : روى.