نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 92
كلامين وهو خبر عن الله تعالى أنّ البيان وما يدلّ قوله (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) متصل بالكلام الأوّل إخبارا عن قول اليهود بعضهم لبعض ،
ومعنى الآية : (وَلا تُؤْمِنُوا
إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) ، ولا تؤمنوا (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ
مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) من العلم والحكمة والحجّة في المنّ والسلوى ، وفلق
البحر وغيرها من الفضائل والكرامات. ولا تؤمنوا أن (يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ
رَبِّكُمْ) لأنّكم أصحّ دينا منه ، وهذا معنى قول مجاهد والأخفش.
وقال ابن جريج
وابن زيّاب : قالت اليهود لسفلتهم : (لا تُؤْمِنُوا إِلَّا
لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) كراهية (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ
مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) وأيّ فضل يكون لكم عليهم حيث علموا ما علمتم وحينئذ (يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) : يقولون عرفتم أنّ ديننا حقّ فلا تصدّقوهم لئلّا
يعلموا مثل ما علّمتم ولا يحاجّوكم عند ربكم ، ويجوز أن يكون على هذا القول لا
مضمرا كقوله تعالى (يُبَيِّنُ اللهُ
لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا)[١] يكون تقديره (وَلا تُؤْمِنُوا
إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) لئلّا يؤتى أحد من العلم (مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) وألا (يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ
رَبِّكُمْ).
وقرأ الحسن
والأعمش : إن يؤتى بكسر الألف ووجه هذه القراءة إنّ هذا كلّه من قول الله بلا
اعتراض وأن يكون كلام اليهود تاما عند قوله (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ
دِينَكُمْ) ومعنى الآية : (قُلْ) يا محمد (إِنَّ الْهُدى هُدَى
اللهِ أَنْ يُؤْتى) ما يؤتى (أَحَدٌ مِثْلَ ما
أُوتِيتُمْ) يا أمّة محمد (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) ، يعني إلا أن يجادلكم اليهود بالباطل فيقولون نحن أفضل
منكم وقوله : (عِنْدَ رَبِّكُمْ) أي عند فضل ربّكم لكم ذلك ويكون (أنّ) على هذا القول
بمعنى الجحد والنفي.
وهذا معنى قول
سعيد بن جبير والحسن وأبي مالك ومقاتل والكلبي. وقال الفرّاء : ويجوز أن يكون (أو)
بمعنى حتّى كما يقال : تعلّق به أو يعطيك حقّك أي حتى يعطيك حقّك.
والمعنى لا
يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، ما أعطى أحدا مثل ما أعطيتم يا أمة محمد من الدّين
والحجّة حتّى يحاجّوكم عند ربّكم.
وقرأ ابن كثير
: أن يؤتى بالمدّ وحينئذ يكون في الكلام إختيار تقديرها : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) يا معشر اليهود من الكتاب والحكمة تحسدونهم ولا تؤمنون
بهم وهذا قول قتادة والربيع.