ومن هذا قولهم
: نذر فلان دم فلان : أي أوجبت على نفسه قتله.
وقال جميل :
فليت رجالا
فيك قد نذروا دمي
وحموا لقائي
يابثين لقوني
(مُحَرَّراً) : أي عتيقا خالصا لله خادما للكنيسة حبيسا عليها مفرغا
لعبادة الله ولخدمة الكنيسة ، لا يشغله شيء من الدنيا وكلّما أخلص فهو محرّر ،
يقال : حرّرت العبد إذا أعتقته ، وحرّرت الكتاب إذا أخلصته وأصلحته فلم يبق فيه ما
يحتاج إلى إصلاحه ، ورجل حرّ إذا كان خالصا لنفسه ليس لأحد عليه متعلق ، والطين
الحر الذي خلص من الرمل والحصاة والعيوب.
و (مُحَرَّراً) : نصب على الحال.
وقال الكلبي
وابن إسحاق وغيرهما : فإن الحر رجل إذا حرّر وجعل في الكنيسة يقوم عليها ويكنسها
ويخدمها ولا يبرحها حتى يبلغ الحلم ، ثم يخيّر فإن رغب أن يقيم فيها أقام ، وإن
أحبّ أن يذهب ذهب حيث شاء ، فإن أراد أن يخرج بعد التخير لم يكن له ذلك ، ولم يكن
أحد من [الأنبياء] والعلماء إلّا ومن نسل محرّرا ببيت المقدس ، ولم يكن محرّرا
إلّا الغلمان ، وكانت الجارية لا تكلف ذلك ولا تصلح له لمّا يمسها من الحيض والأذى
، فحرّرت أمّ مريم ما في بطنها.
وكان القصة في
ذلك أنّ زكريّا وعمران تزوجا أختين ، وكانت إيشاع [٣] بنت فاقود أم
يحيى عند زكريّا وحنّة بنت فاقود أم مريم عند عمران ، وقد كان أمسك على حنّة الولد
حتى أيست وعجزت ، وكانوا أهل بيت من الله بمكان ، فبينما هي في ظل شجرة بصرت بطائر
يطعم فرخا فتحركت لذلك شهوتها للولد ، ودعت الله أن يهب لها ولدا وقالت : اللهم لك
عليّ إن رزقتني ولدا أن أتصدّق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدمه نذرا وشكرا
، فحملت بمريم فحرّرت ما في بطنها ولا تعلم ما هو ، فقال لها زوجها : ويحك ما صنعت!
أرأيت إن كان ما في