قال القيسي :
فأصله أن الرجل كان إذا أسلم خرج من قومه مراغما أي مغاضبا لهم ومهاجرا أي مقاطعا
عن دينهم ، وقيل للمذهب مراغم وللمصير للنبي صلىاللهعليهوسلم هجرة لأنها كانت هجرة الرجل قومه.
وقيل : إن أصله
من الرغام وهو التراب أي راغمته أي هاجرته ولم أبال وإن رغم أنفه أي ألصق بالتراب.
فلما نزلت هذه
الآيات سمعها رجل من بني ليث شيخ كبير [وضيئا] يقال له : جندع [٣] فقال : والله
ما أنا ممن استثنى الله وإني لأجد حيلة وإن لي من المال ما يبلغني المدينة وأبعد
منها ، والله لا أبقى الليلة بمكة ، أخرجوني ، فخرجوا به يحملونه على سرير حتى
أتوا به إلى التسنيم فأدركه الموت بها فصفق يمينه على شماله. ثم قال : هذه لك هذه
لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات شهيدا فأتى خبره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : لو وافى المدينة لكان مهاجرا ، وقال المشركون
وضحكوا منه ما أدرك هذا ما طلب ، فأنزل الله تعالى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ
بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) قبل بلوغه إلى مهاجره (فَقَدْ وَقَعَ
أَجْرُهُ) أي وجب ثوابه (عَلَى اللهِ) بإيجابه ذلك على نفسه (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) كان منه في حال الشرك (رَحِيماً) بما كان منه في الإسلام.
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي
الْأَرْضِ) أي هاجرتم فيها (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُناحٌ) أي حرج وإثم (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ
الصَّلاةِ) يعني من الأربع ركعات إلى ركعتين (إِنْ خِفْتُمْ) أي علمتم (أَنْ يَفْتِنَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا) في الصلاة (إِنَّ الْكافِرِينَ
كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) مجاهرا بعداوته وقال : [....] عدوا بمعنى أعداء والله [٤] أعلم.