نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 364
وقد تكلفت
الخوارج والمعتزلة بهذه الآية.
وقيل : إن
المؤمن إذا قتل مؤمنا متعمدا يدخل في النار مؤبدا لأنّ الله تعالى قال : (خالِداً فِيها).
يقال لهم : إن
هذه الآية نزلت في كافر قتل مؤمنا متعمدا.
وقد ذكرنا
القصة فيه وسياق الآية وروايات المفسرين [لها] على أنّا لو سلّمنا إنّها نزلت في
مؤمن قتل مؤمنا متعمدا ، فإنا نقول لهم : لم قلتم إن الخلود هو التأبيد ، خبرونا
عن قول الله (وَما جَعَلْنا
لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) فما معنى الخلد هاهنا في النار ، يقولون : إنه المراد
به التأبيد في الدنيا.
والدنيا تزول
وتفنى.
ومثله قوله (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)[١] وكذلك قوله (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ
أَخْلَدَهُ)[٢] إنما يعني في الدنيا أفتقولون إنّه أراد به التأبيد؟
فإن قالوا : لا
ولا بد منه ، فيقال لهم : قد ثبت أن معنى الخلود هو معنى التأبيد ، فكذلك يقول
العرب : لأودعنّ فلانا في السجن ، أفتقولون إنه أراد به التأبيد والسجن ينقطع
ويفنى؟
وكذلك المسجون
يدخل ويخرج منه فإن قالوا : إن الله لما قال : (وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) دلّ على كفره لأن الله لا يغضب إلّا على من كان كافرا
أو خارجا من الإيمان.
قلنا : إن هذه
الآية لا توجب عليه الغضب لأن معناه (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) ان يغضب عليه ويلعنه ، وما ذكر الله من شيء وجعله جزاء
لشيء فليس يكون ذلك واجبا كقوله (إِنَّما جَزاءُ
الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ)[٣] وكم محارب لله ولرسوله لم يحلّ به شيء من هذه المعاني.
إلى أن فارق الدنيا. (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها)[٤].
ولم يقل : أجزي
بكل سيئة بسيئة مثلها.
ولو كان
المعنيان في ذلك سواء لم يكن إذا لقوله (وَيَعْفُوا عَنْ
كَثِيرٍ)[٥] معنى ، فكذلك هاهنا.