نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 357
تكونون سواء مثل قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ
فَيُدْهِنُونَ)[١] أي ودّوا لو تدهن وودّوا لو تكفرون ، ومثله (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ
عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ)[٢] أي ودّوا لو تغفلون وودّوا لو تميلون ، ثم استثنى طائفة
منهم فقال (إِلَّا الَّذِينَ
يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) أي يتصلون بقوم وينتسبون إليهم يقال : اتصل أي انتسب ،
وفي قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من تعزى بعزاء الجاهلية فاعضوه» [٣] أي من ادعى
بدعوى الجاهلية.
ويقال : (يَصِلُونَ) من الوصول أي يلحقون إليهم إلى قوم (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي عهد وهم [الأسلميون] وذلك إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وادع هلال بن عويمر الأسلمي عند خروجه إلى مكة على أن
لا يعنيه ولا يعين عليه حتى أتى ويرى ، ومن وصل إلى هلال من قومه أو غيرهم ولجأ
إليه فلهم من الجوار مثل الذي لهلال.
الضحاك عن ابن
عباس : أراد بالقوم الذين بينهم وبينكم ميثاق. بني بكر بن زيد مناة وكانوا في
الصلح والهدنة وقوله (أَوْ جاؤُكُمْ
حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي ضاقت صدورهم عن قتالكم ، وهم بنو مدلج جاءوا
المؤمنين (أَوْ يُقاتِلُوا
قَوْمَهُمْ) يعني من آمن منهم ، ويجوز أن يكون معناه إنهم لا
يقاتلوكم ولا يقاتلون قومهم فعلم المؤمنون لا عليكم ولا عليهم ولا لكم.
وقال بعضهم :
وبمعنى الواو. كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقت صدورهم عن
قتالكم ، والقتال معكم ، وهم قوم هلال الأسلميون وبني بكر بن زيد [مناة] وقوله (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي قد حصرت ، كقول العرب أي ذهب [نظره] يريدون قد ذهب.
قال الفراء :
سمع الكسائي بعضهم يقول : أصبحت فنظرت إلى ذات [البساتين].
(وَلَوْ شاءَ اللهُ
لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) يعني سلط الله المشركين على المؤمنين عقوبة ونقمة.
(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) عند القتال ، ويقال يوم فتح مكة فهم يقاتلوكم مع قومهم (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي المسالمة والمصالحة (فَما جَعَلَ اللهُ
لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) أي حجة في قتالهم ، وعلى دينهم فأمر الله رسوله بالكف
عن هؤلاء (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) غيرهم.