نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 338
قتل رجل من بني النضير رجلا من قريضة لم يقتل به وأعطى ديته ستّين وسقا من
تمر وكانت النضير وهم حلفاء الأوس أكثر وأشرف من قريضة وهم حلفاء الخزرج.
فلما جاء الله
بالإسلام وهاجر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة. قتل رجل من بني النضير رجلا من قريضة
فاختصموا في ذلك.
فقالت بنو
النضير : قد كنا وأنتم اصطلحنا في الجاهلية على أن نقتل منكم ولا تقتلون منا ،
وعلى أن ديتكم ستون وسقا والوسق ستون صاعا وديتنا مائة وسق فنحن نعطيكم ذلك.
وقالت الخزرج :
هذا شيء كنتم قلتموه [١] في الجاهلية لأنكم كثرتم وقللنا ، فقهرتمونا ونحن وأنتم
اليوم إخوة وديننا ودينكم واحد وليس لكم علينا فضل ، وقالت بنو النضير : لا بل نحن
على ما كنا.
فقال المنافقون
منهم : انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي ومالك بن خزيمة ، وقال المسلمون من
الفريقين : لا بل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأبى المنافقون فانطلقوا إلى أبي بردة ليحكم بينهم.
فقال : أعظموا
اللقمة ـ يعني الرشوة ـ فقالوا : لك عشرة أوسق قال : لا. بل مائة وسق ديتي فاني
أخاف إن نصرت النضيري قتلتني قريظة أو أنصر قريظة قتلتني النضير ، فأبوا أن يعطوه
فوق عشرة أوسق وأبى أن يحكم بينهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وأنزل قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى)[٢] وقوله (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ
فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)[٣] الآية فدعا النبي صلىاللهعليهوسلم كاهن [اسلم] إلى الإسلام فأتى وانصرف فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : لابنيه : «أدركا أباكما فإنّه إن جاوز عقبة كذا لم
يسلم أبدا» [٣٦٦] فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم مناديا ينادي ذلك الكاهن أسلم قد أسلم [٤] ، فذلك قوله :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ
مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) يعني الصنم ، وقيل : الكاهن ، وقيل : كعب بن الأشرف ،
وقيل : حيي بن أخطب.
(وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ
يَكْفُرُوا بِهِ) إلى قوله : (يَصُدُّونَ عَنْكَ
صُدُوداً) إعراضا فكل الفعل بمصدره كقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) وقوله : (وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيماً)(فَكَيْفَ إِذا
أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) يعني فكيف يصنعون إذا أصابتهم مصيبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) يعني عقوبة صدودهم ، هذا وعيد وتهديد وتم الكلام. ثم
ابتدأ الخبر عن فعلهم يعني يتحاكمون إلى الطاغوت وهم يكفرون بالله ومعنى قوله (ثُمَّ جاؤُكَ) أي يحيوك.