نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 210
قال : فجاء
سهيل فقال له نعيم : يا أبا يزيد أتضمن لي هذه الفرائض فانطلق إلى محمد واثبطه.
قال : نعم ، فخرج نعيم حتى قدم المدينة فوجد الناس يتجهزون بميعاد أبو سفيان ،
فقال : أين تريدون؟ فقالوا : واعدنا أبو سفيان بموسم بدر الصغرى أن نقتتل بها.
قال : بئس
الرأي رأيتم ، أتوكم في دياركم وقراكم فلم يفلت منكم إلّا شريد ، فتريدون أن
تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم ، والله لا يفلت منكم أحد. فكره أصحاب رسول الله
الخروج ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي نفسي بيده لأخرجنّ ولو وحدي» [١٩٢] فأما
الجبان فرجع وأما الشجاع فإنه تأهب للقتال وقالوا : (حَسْبُنَا اللهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أصحابه حتى وافوا بدر الصغرى ، فجعلوا يلقون
المشركين ويسألونهم عن قريش فيقولون : (قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ). يريدون أن يرعبوا المسلمين ، فيقول المؤمنون : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، حتى لقوا بدر. وهو ماء لبني كنانة وكانت موضع سوق لهم
في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام. فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببدر ينتظر أبا سفيان ، وقد انصرف أبو سفيان من مجنة
إلى مكة ، فسماهم أهل مكة جيش السويق وقالوا : إنما خرجتم تشربون السويق ، فلم يلق
رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه أحدا من المشركين ببدر ، ووافوا السوق وكانت
معهم نفقات وتجارات فباعوها وأصابوا الدرهم والدرهمين ، وانصرفوا إلى المدينة سالمين
غانمين [١]. فذلك قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا
لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
ومحل (الَّذِينَ) خفض على صفة المؤمنين تقديره (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ
الْمُؤْمِنِينَ) المستجيبين لله والرسول ومعنى الاستجابة : الاجابة
والطاعة ، نظيره قوله تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)[٢] فليطيعوا لي (مِنْ بَعْدِ ما
أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) أي نالهم الجراح والكلوم ، وتم الكلام هاهنا ثم ابتدأ
فقال : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
مِنْهُمْ) بطاعة رسول الله وإجابته إلى الغزو (وَاتَّقَوْا) معصيته وطاعته (أَجْرٌ عَظِيمٌ) ثواب كثير (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ
النَّاسُ) ومحل (الَّذِينَ) خفض أيضا مردود على الذين الأول ، وأراد (بالناس) نعيم
ابن مسعود في قول مجاهد ومقاتل وعكرمة والواقدي ، وهو على هذا التأويل من العام
الذي أريد به الخاص ، نظيره قوله : (أَمْ يَحْسُدُونَ
النَّاسَ)[٣] يعني محمدا وحده ، وقوله : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ
مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)[٤] يريد الرجال وحده.
وقال ابن إسحاق
وجماعة : يريد بـ (الناس) الركب من عبد القيس وقد مضت قصتهم.
وقال السدي :
لما تجهز رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه للمسير إلى ميعاد أبي سفيان ، أتاهم
[١] راجع : تفسير
الطبري : ٤ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، وتاريخ الطبري : ٢ / ٢١٢.