نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 201
إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تزور أنهار الجنة وتأكل
من ثمارها وتسرح من الجنة حيث شاءت ، وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش ، فلمّا
وجدوا طيب مقيلهم ومطعمهم ومشربهم ، ورأوا ما أعد الله تعالى لهم من الكرامة.
قالوا : يا ليت
قومنا يعلمون ما نحن فيه من النعيم وما صنع الله بنا ، كي يرغبوا في الجهاد ولا
ينكلوا عنه ، فقال الله تعالى : أنا مخبر عنكم ومبلغ إخوانكم ، ففرحوا بذلك
واستبشروا فأنزل الله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) إلى قوله (أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)» [١٧٩] [١].
قال قتادة
والربيع : ذكر لنا أنّ رجلا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قال : يا ليتنا نعلم ما فعل بإخواننا الذين قتلوا يوم
أحد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مسروق :
سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية فقال : جعل الله عزوجل أرواح شهداء أحد في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث
شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ، قال : فأطلع الله تعالى عليهم اطلاعة فقال :
هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : ربّنا ألسنا نسرح في الجنة في أيّها شئنا ،
ثم اطلع عليهم الثانية فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ فقالوا : ربّنا أليس
فوق ما أعطيتنا شيئا إلّا أن نحب أن تعيدنا أحياء ، ونرجع إلى الدنيا فنقاتل في
سبيلك فنقتل مرة أخرى فيك قال : لا. فقالوا : فتقرئ نبيّنا منّا السلام وتخبره بأن
قد رضينا ورضي عنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال جابر بن
عبد الله : قتل أبي يوم أحد وترك عليّ بنات فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألّا أبشرك يا جابر» قلت : بلى يا نبي الله قال : «إنّ
أباك حيث أصيب بأحد أحياه الله وكلمه كلاما فقال : يا عبد الله سلني ما شئت قال :
أسألك أن تعيدني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيا ، فقال : يا عبد الله إني قضيت أن لا
أعيد خليقة إلى الدنيا. قال : يا ربّ فمن يبلّغ قومي ما أنا فيه من الكرامة. قال
الله تعالى : أنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية» [٢] [١٨٠].
حميد عن أنس
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرّها أن ترجع إلى
الدنيا ولها الدنيا وما فيها إلّا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فيتمنى أن يرجع
إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى» [٣] [١٨١].
وقال بعضهم :
نزلت في شهداء بئر معونة ، وكان سبب ذلك على ما روى محمد بن
[١] مسند أحمد : ١ /
٢٦٦ ، سنن أبي داود : ١ / ٥٦٦ ، ح ٢٥٢٠.