نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 113
وقال ابن عباس
ومجاهد وقتادة والسدي : أقبل يعقوب عليهالسلام من حران يريد بيت المقدس حين هرب من أخيه عيص وكان رجلا
بطّيشا قويا ، فلقيه ملك فظنّ [يعقوب] أنّه لصّ فعالجه أن يصرعه فغمز الملك فخذ
يعقوب ثم صعد إلى السماء ويعقوب ينظر إليه ، فهاج به عرق النساء ولقي من ذلك بلاء
شديدا وكان لا ينام بالليل من الوجع [ويبيت] وله زقاء أي صياح ، فحلف يعقوب عليهالسلام لئن شفاه الله أن لا يأكل عرقا ولا طعاما فيه عرق ،
فحرّمها على نفسه فجعل بنوه يبتغون العروق يخرجونها من اللحم [١] ، وقال أبو
العالية وعطاء ومقاتل والكلبي : كان ذلك لحمان الإبل وألبانها.
وروى شهر بن
حوشب عن ابن عباس أن عصابة حضرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا أبا القاسم أخبرنا أي الطعام (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ
أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ)؟
فقال رسول الله
صلىاللهعليهوسلم : «أشهدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أنّ
يعقوب مرض مرضا شديدا فطال سقمه عليه ، فنذر لله لئن عافاه الله من سقمه ليحرّمن
أحبّ الطعام والشراب إلى نفسه ، وكان أحبّ الطعام إليه لحمان الإبل ، وأحب الشراب
إليه ألبانها» [٨٢] [٢] فقالوا : اللهم نعم.
وروى جويبر عن
الضحاك عن ابن عباس قال : لما أصاب يعقوب عرق النساء ووصف له الأطباء أن يجتنب
لحوم الإبل ، فحرّم يعقوب على نفسه لحوم الإبل ، فقالت اليهود : إنّا حرّمنا على
أنفسنا لحوم الإبل ؛ لأنّ يعقوب حرّمها وأنزل الله تحريمها في التوراة فأنزل الله
هذه الآية.
وقال الحسن : (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) لحوم الجزور تعبدا لله عزوجل فسأل ربّه عزوجل أن يجيز له ذلك ، فحرّمه الله على ولده ، وقال عكرمة : (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) زائدة الكبد والكليتين والشحم إلّا ما على الظهور ،
وروى ليث عن مجاهد قال : (حَرَّمَ إِسْرائِيلُ
عَلى نَفْسِهِ) لحوم الأنعام ثم اختلفوا في هذا الطعام المحرّم على
إسرائيل بعد نزول التوراة ، وقال السدي : إنّ الله لما أنزل التوراة حرّم عليهم ما
كانوا يحرّمونها قبل نزولها اقتداء بأبيهم يعقوب عليهالسلام ، وقال عطية : إنّما كان ذلك حراما عليهم لتحريم
إسرائيل ذلك عليهم وذلك أنّ إسرائيل قال حين أصابه عرق النساء : والله لئن عافاني
الله منه لا يأكله لي ولد ، ولم يكن ذلك محرّما عليهم في التوراة.
وقال الكلبي :
لم يحرّمه الله عليهم في التوراة وإنّما حرّم عليهم بعد التوراة لظلمهم وكفرهم ،
وكان بنو إسرائيل كلما أصابوا ذنبا عظيما حرّم الله عليهم طعاما طيبا ، أو صبّ
عليهم