نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 10 صفحه : 35
(لِلْكافِرينَ)
وهذا قول الحسن وقتادة
قالا : كان هذا بمكّة ، لما بعث الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوسلم إليهم وخوّفهم بالعذاب والنكال ، قال المشركون بعضهم
لبعض : من أهل هذا العذاب اسألوا محمدا لمن هو وعلى من ينزل وبمن يقع ، فبيّن الله
سبحانه وأنزل (سَأَلَ سائِلٌ) عذابا واقعا (لِلْكافِرينَ) أي على الكافرين ، اللام بمعنى على ، وهو النضر بن
الحرث حيث دعا على نفسه وسأل العذاب فقال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ
هذا هُوَ الْحَقَ) لأنّه نزل به ما سأل يوم بدر ، فقتل صبرا ولم يقتل من
الأسرى يومئذ غيره وغير عقبه بن أبي معيط ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد ، وسئل سفيان
بن عيينة عن قول الله سبحانه : (سَأَلَ سائِلٌ) فيمن نزلت ، فقال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني أحد
قبلك.
حدّثني أبي عن
جعفر بن محمد عن آبائه ، فقال : لما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغدير خم ، نادى بالناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد عليّ رضياللهعنه فقال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» [١].
فشاع ذلك وطار
في البلاد ، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان القهري فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ناقة له حتّى أتى الأبطح ، فنزل عن ناقته وأناخها
وعقلها ، ثمّ أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو في ملأ من أصحابه فقال : يا محمد أمرتنا عن الله أن
نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمسا
فقبلناه منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا ، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا ، وأمرتنا أن نصوم
شهرا فقبلنا ، ثمّ لم ترض بهذا حتّى رفعت بضبعي ابن عمّك ففضلته علينا وقلت : من
كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله تعالى؟
فقال : «والّذي
لا إله إلّا هو هذا من الله» فولّى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهمّ
إن كان ما يقوله حقا (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا
حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ، فما وصل إليها حتّى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج
من دبره فقتله ، وأنزل الله سبحانه : (سَأَلَ سائِلٌ
بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) [٣٢] [٢].
ومن قرأ بغير
همز فله وجهان : أحدهما أنّه لغة في السؤال ، تقول العرب : سال سائل وسأل سال مثل
نال ينال ، وخاف يخاف ، والثاني : أن يكون من السيل ، قال زيد بن ثابت وعبد الرحمن
بن زيد بن أسلم ، سال واد من أودية جهنم يقال له سائل.
(مِنَ اللهِ ذِي
الْمَعارِجِ). قال ابن عباس : يعني ذي السماوات ، وقال ابن كيسان : المعارج
الفتق الذي بين سمائين وأرضين ، قتادة : ذي الفواصل والنعم ، سعد بن جبير : ذي
الدرجات ، القرطبي : ذي الفضائل العالية ، مجاهد : معارج الملائكة.
[١] مسند أحمد : ١ /
٨٤ ، و ٥ / ٣٤٧ ، والمستدرك : ٣ / ١١٠ ، ومصنّف ابن أبي شيبة : ٧ / ٤٩٥.