نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 1 صفحه : 74
والصباح ... العزم ... [١] .. حتّى رزقني الله تعالى ـ وله الحمد ـ من ذلك ما عرفت
به الحقّ من الباطل ، والمفضول من الفاضل ، والصحيح من السقيم ، والحديث من القديم
، والبدعة من السنة ، والحجّة من الشبهة. فألفيت المصنّفين في هذا الباب فرقا على
طرق : فرقة منهم أهل البدع والأهواء وفرقة المسالك والآراء مثل البلخي والجبائي
والأصفهاني والرماني ، وقد أمرنا بمجانبتهم وترك مخالطتهم ، ونهينا عن الاقتداء
بأقوالهم وأفعالهم فاختاروا ممّن تأخذون دينكم ، وفرقة ألّفوا وقد أحسنوا غير
أنّهم خلطوا أباطيل المبتدعين بأقاويل السلف الصالحين كما جمع بين ... [٢] .. لاسفدوانية
مثل أبي بكر القفال وأبي حامد المقري. وهما من الفقهاء الكبار ، والعلماء الخيار ،
ولكن لم يكن التفسير حرفتهم ، ولا علم التأويل صنعتهم ؛ ولكل عمل رجال ، ولكل مقام
مقال.
وفرقة اقتصروا
على الرواة والنقل دون الدراية والنقد مثل الشيخين أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي ، وأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الأنماطي. وبياع الدواء محتاج إلى
الأطبّاء.
وفرقة حرّموا
الأسناد الذي هو الركن والعماد ، وتملّكوا الصحف والدفاتر وجهدوا على ما هو بين
الخواطر ، وذكروا الغثّ والسمين ، والركيك والمتين ، وليسوا في عداد العلماء فصنت
الكتاب عن فكرهم ، والقراءة والعلم سنة يأخذها الأصاغر عن الأكابر. ولو لا الاسناد
لقال من شاء ما شاء.
وفرقة حازوا
قصب السبق في عمدة التصنيف والحذق ، غير أنّهم طوّلوا كتبهم بالمعادات ، وكثرة
الطرق والروايات ، وحشوها بما منه بدّ ، فقطعوا عنها طمع المسترشد مثل الإمام أبي
جعفر محمد بن جرير الطبري ، وشيخنا أبي محمد عبد الله بن حامد الأصفهاني. وازدحام
العلوم مضلّة للفهوم.
وفرقة جرّدوا
التفسير دون الأحكام ، وبيان الحلال من الحرام ، والحل عن الغوامض والمشكلات ،
والرد على أهل الزيغ والشبهات كمشايخ السلف الصالحين ، والعلماء القدماء من
التابعين وأتباعهم مثل مجاهد ومقاتل ، والكلبي والسدّي ، ولكل من أهل الحقّ فيه
غرض محمود وسعي مشكور.
فلما لم أعثر
في هذا الشأن على كتاب جامع مهذّب يعتمد في علم القرآن عليه .... [٣] ، ورأيت رغبة الناس عن هذا العلم ظاهرة ، وهممهم عن
البحث فيه قاصرة ، وطباعهم عن النظر في البسائط نافرة ، وانضاف إلى ذلك سؤال قوم
من المبرزين ، والعلماء المحصّلين ، والرؤساء