responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 5  صفحه : 226
وقوله: وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ معناه: ولا تستعجلْ لهم عذاباً فإنَّهم إليه صائرون، ولا تَسْتَطِلْ تعميرَهُمْ في هذه النِّعْمَةِ فَإنَّهم يوم يَرَوْنَ العذاب كأنهم لَم يَلْبَثُوا في الدنيا إلاَّ ساعةً لاِحتقارهم ذلك لأَنَّ المنقضيَ من الزمان يصير عَدَماً.
ت: وإذا علمتَ- أَيُّها الأخُ- أَنَّ الدنيا أضغاثُ أحْلاَم، كان من الحزم اشتغالُكَ الآنَ بتَحْصِيلِ الزادِ لِلْمَعَاد، وحِفْظِ الحَواسِّ، ومراعاةِ الأنفاس، ومراقبة مَوْلاَك، فَآتَّخِذْهُ صاحباً، وذَرِ الناس جانباً قال أبو حامد الغَزَّالِيُّ- رحمه اللَّه-: اعلم أَنَّ صاحبك الذي لا تفارقُهُ في حَضَرِكَ وسَفَرِكَ، ونَوْمِكَ ويَقَظَتِكَ، بل في حياتك، وموتك- هو رَبُّك، ومولاك، وسَيِّدُك، وخالقك، ومهما ذكرتَهُ فهو جَلِيسُكَ إذ قال تعالى: «أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي» ، ومهما انكسر قلبُكَ حُزْناً على تَقْصِيرِكَ في حق دِينِكَ، فهو صَاحِبُكَ ومُلاَزِمُكَ إذْ قال: «أَنَا عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبهمْ مِنْ أَجْلِي» [1] فلو عرفته يا أخي حَقَّ معرفتِهِ لاَتَّخذْتَهُ صَاحِباً، وتركْتَ الناَّسَ جانباً، فإنْ لم تَقْدِرْ/ على ذلك في جميع أوقاتك، فَإيَّاكَ أنْ تُخْلِيَ ليلَكَ ونهارَكَ عَنْ وَقْتٍ تخلُو فيه بموْلاَكَ، وتَلذَّذُ بمناجاتِهِ، وعند ذلك فعليكَ بآدَابِ الصُّحْبَةِ مع اللَّه تعالى، وآدابُهَا: إطراقُ الطَّرْفِ، وجَمْعُ الهَمِّ، ودَوَامُ الصَّمْتِ، وسُكُونُ الجَوَارِحِ، ومُبَادَرَةُ الأَمْرِ، واجتنابُ النَّهْي، وقِلَّةُ الاِعتراضِ عَلَى الْقَدَرِ، ودَوَامُ الذِّكْرِ باللسان، ومُلاَزَمَةُ الفِكْر، وإيثارُ الحَقِّ، واليَأْسُ من الخَلْقِ، والخضوعُ تحْتَ الهيبَةِ والانْكِسَارُ تحت الحياء، والسُّكُونُ عن حِيَلِ الكَسْب ثِقَةً بالضَّمَان، والتَوَكُّلُ على فَضْل اللَّه معرفةً بحسن اختياره وهذا كله ينبغي أنْ يكون شعارَكَ، في جميع لَيْلِكَ ونَهَارِك، فإنَّهُ آداب الصحبة مع صاحب لا يفارقك، والخلق كُلُّهم يفارقُونَكَ في بَعْضِ أوقاتك، انتهى من «بداية الهداية» .
وقوله: بَلاغٌ يحتمل معانيَ:
أحدُهَا: أَنْ يكون خبر مبتدإ محذوفٍ، أي: هذا إنذارٌ وتبليغٌ.
ويحتمل أنْ يريد: كأنْ لم يلبثوا إلاَّ ساعةً كانَتْ بلاغَهُمْ، وهذا كما تَقُولُ: متاعٌ قليلٌ، وقيل غَيْرُ هذا، وقرأ أبو مجلز وغيره [2] : بَلاغٌ على الأمر، وقرأ الحسن بن أبي

[1] ينظر: «إتحاف السادة المتقين» للزبيدي (63) .
[2] وقرأ بها أبو سراج الهذلي.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (140) ، و «المحتسب» (2/ 268) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 108) ، و «البحر المحيط» (8/ 68) ، و «الدر المصون» (6/ 145) .
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 5  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست