responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 5  صفحه : 160
وقوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ قال عمرو بن حُرَيْثٍ وغيره: إنَّها نزلت لأَنَّ قوماً من أهل الصفَّة طلبوا من رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم أنْ يُغْنِيَهُمُ/ اللَّه، ويبسطَ لهم الأموالَ والأرزاق، فأعلمهم اللَّه تعالى أنَّه لو جاء الرِّزْقُ على اختيار البَشَر واقتراحهم، لكان سَبَبَ بغيهم وإفسادهم ولكنّه عز وجل أعلمُ بالمَصْلَحَةِ في كُلِّ أحدٍ: إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ: بمصالحهم، فهو ينزل لهم من الرزق القَدْرَ الذي بِهِ صَلاَحُهُمْ فرُبَّ إنْسَانٍ لاَ يَصْلُحُ، وتَنْكَفُّ عاديته إلاَّ بالفقر.
ت: وقد ذكرنا في هذا المختصر أحاديثَ كثيرةً مختارةً في فضل الفقراء الصابرين- ما فيه كفايةٌ لمن وُفِّق، وقد روى ابن المبارك في «رقائقه» عن سعيد بن المُسَيِّبِ قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِجُلَسَاءِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قال: هُمُ الخَائِفُونَ، الخَاضِعُونَ، المُتَوَاضِعُونَ، الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيراً، قال:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهُمْ أَوَّلُ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ؟ قال: لا، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قال: الفُقَرَاءُ يَسْبِقُونَ النَّاسَ إلَى الجَنَّةِ، فَتَخْرُجُ إلَيْهِمْ مِنْهَا مَلاَئِكَةٌ، فَيَقُولُونَ:
ارجعوا إلَى الْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: عَلاَمَ نُحَاسَبُ، وَاللَّهِ مَا أُفِيضَتْ عَلَيْنَا الأَمْوَالُ في الدُّنْيَا فَنَقْبِضَ فِيهَا وَنَبْسُطَ، وَمَا كُنَّا أُمَرَاءَ نَعْدِلُ وَنَجُورُ وَلَكِنَّا جَاءَنَا أَمْرُ اللَّهِ فعبدناه حتّى أتانا اليقين» [1] انتهى.
وقوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ... الآية، تعديدُ نِعَمِ اللَّه تعالى الدَّالَّةِ على وَحْدَانِيَّتِهِ، وأَنَّه المولى الذي يستحقُّ أَنْ يُعْبَدُ دونَ ما سواه من الأنداد، وقرأ الجمهور: «قَنَطُوا» بفتح النون، وقرأ الأعمش: «قَنِطُوا» بكسرها، وهما لغتان [2] ، ورُوِيَ أَنَّ عمر- رضي اللَّه عنه- قيل له: أجدبت الأرض، وقَنِطَ النَّاس، فقال:
مُطِرُوا إذَنْ، بمعنى أنَّ الفرج عند الشِّدَّةِ.
وقوله تعالى: وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ قيل: أراد بالرحمة: المطر، وقيل: أراد بالرحمة هنا: الشمْسَ، فذلك تعديد نعمة غير الأولى، وذلك أَنَّ المطر إذا أَلَمَّ بعد القنط حَسُنَ موقعُهُ، فإذا دَامَ سُئِمَ، فتجيء الشمْسُ بعده عظيمة الموقع.

[1] أخرجه أبو نعيم بن حماد في «زوائده» على الزهد (80) (283) .
[2] وقرأ بها يحيى بن وثاب.
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 36) ، و «البحر المحيط» (7/ 495) ، و «الدر المصون» (6/ 81) .
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 5  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست