responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 412
ت: ويجبُ على من مَلَّكَهُ اللَّه شيئاً من هذا الحيوانِ أنْ يَرْفُقَ به، ويشْكُر اللَّه تعالى على هذه النعمة التي خَوَّلها، وقد رَوَى مالك في «الموطَّأ» عن أبي عُبَيْدٍ مولى سليمانَ بْنِ عبدِ المَلِكِ، عن خالدِ بْنِ مَعْدَانَ يرفعه، قال: «إِن اللَّه رفيقٌ يحبُّ الرِّفْق، ويرضَاهُ، ويعينُ عليه ما لاَ يُعِينُ على العُنْف، فإِذا ركبتم هذه الدوابَّ العُجْمَ، فأنزلوها منازِلَهَا، فإِنْ كانَتِ الأرض جَدْبةً، فانجوا عليها بِنِقْيِهَا [1] ، وَعَلَيْكُمْ بسير اللَّيْلِ فَإِن الأرض تُطْوَى باللَّيْلِ ما لا تُطْوَى بالنهار، وإِياكم والتَّعْرِيسَ على الطريقِ فإِنها طُرُق الدَّوابِّ، ومأوى الحَيَّات» [2] .
قال أبو عمر في «التمهيد» : هذا الحديث يستند عن/ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من وجوهٍ كثيرةٍ، فأمَّا «الرفْقُ» ، فمحمودٌ في كلِّ شيء، وما كان الرفْقُ في شيء إِلاّ زانه، وقد رَوَى مالك بسنده عن عائشة، وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» [3] ، وأُمِرَ المسافرُ في الخِصْبِ بأنْ يمشي رويداً، ويكثر النزول، لترعَى دابته، فأَما الأرْضُ الجَدْبة، فالسُّنَّة للمسافِرِ أَنْ يُسْرُع السيْر ليخرجَ عنها، وبدابَّته شيءٌ من الشَّحْم والقُوَّة، و «النِّقْي» في كلام العرب: الشَّحْم والوَدَك. انتهى.
وروَى أبو داود عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بِالغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فَعَلَيْهَا فاقضوا حَاجَاتِكِمْ» انتهى [4] .
وقوله سبحانه: وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ: عبرةٌ منصوبةٌ على العمومِ، أي: إِنَّ مخلوقاتِ اللَّهِ مِنَ الحيوانِ وغيره لا يُحيطُ بعلْمها بَشَرٌ، بل ما يخفَى عنه أكْثَرُ مما يعلمه.
وقوله سبحانه: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ... الآية: هذه أيضاً من أجَلِّ نعم اللَّه تعالى، أي: على اللَّه تقويمُ طريقِ الهدَى، وتبيينُهُ بنَصْب الأدلَّة، وبعْثِ الرسل، وإِلى هذا ذهب المتأوِّلون، ويحتمل أنْ يكون المعنى: أَنَّ مَنْ سلك السبيل القاصد، فعلى الله،

[1] النّقو: عظم العضد، وقيل: كل عظم فيه مخ.
ينظر: «لسان العرب» (4532) .
[2] أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 979) كتاب «الاستئذان» باب: ما يؤمر به من العمل في السفر، حديث (38) .
[3] تقدم تخريجه.
[4] أخرجه أبو داود (2/ 32) كتاب «الجهاد» باب: في الوقوف على الدابة، حديث (2567) ، والبيهقي (5/ 255) من حديث أبي هريرة.
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست