responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 307
الْخَطَاطِيفِ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ أَمْثَالُ الْحِمَّصِ والعدس.
فلما غشيت الْقَوْمَ أَرْسَلْنَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ تُصِبْ تِلْكَ الْحِجَارَةُ أَحَدًا إِلَّا هَلَكَ، وَلَيْسَ كُلُّ الْقَوْمِ أَصَابَتْ وَخَرَجُوا هَارِبِينَ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى الطَّرِيقِ الذي جاؤوا منه، وهم يَتَسَاءَلُونَ عَنْ نُفَيْلِ بْنِ حَبِيبٍ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى الْيَمَنِ، وَنُفَيْلٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَصَرَخَ الْقَوْمُ وَمَاجَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ يَتَسَاقَطُونَ بِكُلِّ طريق ويهلكون على كل منهل.
وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى أَبْرَهَةَ دَاءً في جسده فجعل تتساقط منه أَنَامِلُهُ كُلَّمَا سَقَطَتْ أُنْمُلَةٌ اتَّبَعَتْهَا مِدَّةٌ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ، فَانْتَهَى إِلَى صَنْعَاءَ وَهُوَ مِثْلُ فَرْخِ الطائر فِيمَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَمَا مات حتى انصدع صدره من قَلْبِهِ ثُمَّ هَلَكَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا مَحْمُودٌ فِيلُ النَّجَاشِيِّ فَرَبَضَ ولم يشجع عَلَى الْحَرَمِ فَنَجَا وَالْفِيلُ الْآخَرُ شَجَّعَ فَحُصِبَ [1] .
وَزَعَمَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي جَرَّأَ أَصْحَابَ الْفِيلِ: أَنَّ فِتْيَةً مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجُوا تُجَّارًا إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ فَدَنَوْا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ وَثَمَّ بَيْعَةٌ لِلنَّصَارَى تُسَمِّيهَا قُرَيْشٌ الهيكل، فنزلوا فأججوا نارا فاصطلوا فَلَمَّا ارْتَحَلُوا تَرَكُوا النَّارَ كَمَا هي في يوم عاصف فهاجت الرِّيحُ فَاضْطَرَمَ الْهَيْكَلُ نَارًا فَانْطَلَقَ الصريخ إلى النجاشي فأسف، واغتاظ غيظا شديدا، فَبَعَثَ أَبْرَهَةَ لِهَدْمِ الْكَعْبَةِ.
وَقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَبُو مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَكَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ يُصَيِّفُ بِالطَّائِفِ وَيَشْتُو بِمَكَّةَ، وكان رجلا نبيها تَسْتَقِيمُ الْأُمُورُ بِرَأْيهِ، وَكَانَ خَلِيلًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَاذَا عِنْدَكَ هَذَا يَوْمٌ لا يتسغنى فِيهِ عَنْ رَأْيِكَ؟ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: اصْعَدْ بِنَا إِلَى حِرَاءَ فَصَعِدَ الْجَبَلَ، فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: اعْمَدْ إِلَى مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ فَاجْعَلْهَا لِلَّهِ وَقَلِّدْهَا نَعْلًا ثُمَّ أَرْسِلْهَا فِي الْحَرَمِ لَعَلَّ بَعْضَ هَذِهِ السُّودَانِ يَعْقِرُ مِنْهَا شَيْئًا، فَيَغْضَبَ رَبُّ هَذَا الْبَيْتِ فَيَأْخُذَهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَعَمَدَ الْقَوْمُ إِلَى تِلْكَ الْإِبِلِ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا وَعَقَرُوا بَعْضَهَا وَجَعَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو، فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: إِنْ لِهَذَا الْبَيْتِ رَبًّا يَمْنَعُهُ، فَقَدْ نَزَلَ تُبَّعُ مَلِكُ الْيَمَنِ صَحْنَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَرَادَ هَدْمَهُ فَمَنَعَهُ اللَّهُ وَابْتَلَاهُ، وَأَظْلَمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا رَأَى تُبَّعُ ذَلِكَ كَسَاهُ الْقَبَاطِيَّ الْبِيضَ، وَعَظَّمَهُ وَنَحَرَ لَهُ جَزُورًا. ثم قال أبو مسعود: انظر نَحْوَ الْبَحْرِ، فَنَظَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فقال: أرى طيرا بيضا نَشَأَتْ مِنْ شَاطِئِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: اُرْمُقْهَا بِبَصَرِكَ أَيْنَ قَرَارُهَا [2] ، قَالَ: أراها قد دارت على رؤوسنا، قال: فهل تعرفها؟ قال: فو الله مَا أَعْرِفُهَا مَا هِيَ بِنَجْدِيَّةٍ وَلَا تِهَامِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ وَلَا شامية، قال: ما قدرها؟ قَالَ أَشْبَاهُ الْيَعَاسِيبِ فِي مِنْقَارِهَا حصى كأنها حصى الخذف، قَدْ أَقْبَلَتْ كَاللَّيْلِ يَكْسَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَمَامَ كُلِّ رُفْقَةٍ طَيْرٌ يَقُودُهَا أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ أَسْوَدُ الرَّأْسِ طَوِيلُ الْعُنُقِ، فَجَاءَتْ [3] حَتَّى إِذَا حازت بعسكر القوم ركدت فوق رؤوسهم، فَلَمَّا تَوَافَتِ [4] الرِّجَالُ كُلُّهَا أَهَالَتِ الطير ما في مناقرها عَلَى مَنْ تَحْتَهَا، مَكْتُوبٌ فِي كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ صَاحِبِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا انْصَاعَتْ رَاجِعَةً مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ، فَلَمَّا أَصْبَحَا انْحَطَّا مِنْ ذُرْوَةِ الْجَبَلِ، فَمَشَيَا رَبْوَةً فَلَمْ يُؤْنِسَا أَحَدًا ثُمَّ دَنَوْا رَبْوَةً فَلَمْ يَسْمَعَا حِسًّا، فَقَالَا:
بَاتَ القوم سامرين [5] ، فَأَصْبَحُوا نِيَامًا فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ عَسْكَرِ الْقَوْمِ فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ، وكان يقع الحجر على

[1] في المطبوع «سجعوا فحصبوا» . [.....]
[2] تصحف في المخطوط «فرارها» .
[3] في المطبوع «فجاءه» .
[4] في المطبوع «توفت» .
[5] في المخطوط «سامدين» .
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست