responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 305
جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ:
أَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الحبشة كان قد بعث أرياطا إِلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَاحِ أَبُو يَكْسُومَ [1] ، فَسَاخَطَ أَرْيَاطَ فِي أَمْرِ الْحَبَشَةِ حَتَّى انْصَدَعُوا صَدْعَيْنِ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مَعَ أَرْيَاطَ وَطَائِفَةٌ مَعَ أَبْرَهَةَ فَتَزَاحَفَا فَقَتَلَ أَبْرَهَةُ أَرْيَاطَ.
وَاجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ لِأَبْرَهَةَ وَغَلَبَ عَلَى الْيَمَنِ وَأَقَرَّهُ النَّجَاشِيُّ عَلَى عَمَلِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَبْرَهَةَ رَأَى النَّاسَ يَتَجَهَّزُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ إِلَى مَكَّةَ لِحَجِّ بَيْتِ اللَّهِ، فَبَنَى كَنِيسَةً بِصَنْعَاءَ وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ: إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ بِصَنْعَاءَ كَنِيسَةً لَمْ يُبْنَ لِمَلِكٍ مَثَلُهَا، وَلَسْتُ مُنْتَهِيًا حَتَّى أَصْرِفَ إِلَيْهَا حَجَّ الْعَرَبِ، فَسَمِعَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهَا مُسْتَخْفِيًا فَدَخَلَهَا لَيْلًا فَقَعَدَ فِيهَا وَتَغَوَّطَ بِهَا وَلَطَّخَ بِالْعُذْرَةِ قِبْلَتَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبْرَهَةَ فَقَالَ: مَنِ اجْتَرَأَ عَلَيَّ وَلَطَّخَ كَنِيسَتِي بِالْعُذْرَةِ؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ سَمِعَ بِالَّذِي قُلْتَ فَحَلَفَ أَبْرَهَةُ عِنْدَ ذَلِكَ لِيَسِيرَنَّ إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى يَهْدِمَهَا.
فَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِفِيلِهِ، وَكَانَ لَهُ فِيلٌ يُقَالُ لَهُ مَحْمُودٌ وَكَانَ فِيلًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ عِظَمًا، وَجِسْمًا وَقُوَّةً، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَخَرَجَ أَبْرَهَةُ مِنَ الْحَبَشَةِ سائرا إلى مكة، وأخرج مَعَهُ الْفِيلُ، فَسَمِعَتِ الْعَرَبُ بِذَلِكَ فاستعظموه وَرَأَوْا جِهَادَهُ حَقًا عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ ذُو نَفَرٍ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ قَوْمِهِ، فَقَاتَلَهُ فَهَزَمَهُ أَبْرَهَةُ وَأَخَذَ ذَا نَفَرٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ لَا تَقْتُلَنِي فَإِنَّ اسْتِبْقَائِيَ خيرا لَكَ مِنْ قَتْلِي فَاسْتَحْيَاهُ وَأَوْثَقَهُ، وَكَانَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا حَلِيمًا ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ بِلَادِ خَثْعَمَ، خَرَجَ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيُّ فِي خَثْعَمَ وَمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ، فقاتلوه فهزمهم وأخذ نفيل، فَقَالَ نُفَيْلٌ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي دَلِيلٌ بِأَرْضِ الْعَرَبِ وَهَاتَانِ يَدَايَ عَلَى قَوْمِي بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَاسْتَبْقَاهُ، وَخَرَجَ مَعَهُ يَدُلُّهُ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِالطَّائِفِ خَرَجَ إِلَيْهِ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ فِي رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُكَ لَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا خِلَافٌ وقد علمنا أنك تُرِيدُ الْبَيْتَ الَّذِي بِمَكَّةَ نَحْنُ نَبْعَثُ مَعَكَ مَنْ يَدُلُّكَ عَلَيْهِ.
فَبَعَثُوا مَعَهُ أَبَا رِغَالٍ مَوْلًى لَهُمْ فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمُغَمَّسِ مَاتَ أَبُو رِغَالٍ وَهُوَ الَّذِي يُرْجَمُ قَبْرُهُ، وَبَعَثَ أَبْرَهَةُ مِنَ الْمُغَمَّسِ رَجُلًا مِنَ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مُقَدِّمَةِ خَيْلِهِ وَأَمْرَهُ بِالْغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النَّاسِ، فَجَمَعَ الْأَسْوَدُ إِلَيْهِ أَمْوَالَ الْحَرَمِ، وَأَصَابَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِائَتَيْ بَعِيرٍ.
ثُمَّ إِنَّ أبرهة بعث حناطة الحميري إلى أهل مكة، فقال: سَلْ عَنْ شَرِيفِهَا ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَا أُرْسِلُكَ بِهِ إِلَيْهِ، أَخْبِرْهُ أَنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالٍ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَهْدِمَ هَذَا الْبَيْتَ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ فِلَقِيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لِأُخْبِرَكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِقِتَالٍ إِلَّا أَنْ تُقَاتِلُوهُ، إِنَّمَا جَاءَ لِهَدْمِ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ الِانْصِرَافِ عَنْكُمْ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَا لَهُ عِنْدَنَا قتال ولا له عندنا إِلَّا أَنْ نُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ، فَإِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ، وَإِنْ يُخَلِّ بينه وبين ذلك فو الله ما لنا [به] [2] قوة إلا به، قَالَ: فَانْطَلِقْ مَعِي إِلَى الْمَلِكِ، فَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ أَرْدَفَهُ عَلَى بَغْلَةٍ كَانَ عَلَيْهَا وَرَكِبَ مَعَهُ بَعْضُ بَنِيهِ حَتَّى قَدِمَ الْمُعَسْكَرَ، وَكَانَ ذُو نَفَرٍ [3] صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا ذا نفير هَلْ عِنْدَكَ مِنْ غَنَاءٍ فِيمَا نَزَلَ بِنَا؟ فَقَالَ: مَا غَنَاءُ رَجُلٍ أَسِيرٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُقْتَلَ بُكْرَةً أَوْ عَشِيًّا، وَلَكِنْ سَأَبْعَثُ إِلَى أُنَيْسٍ سَائِسِ الْفِيلِ فَإِنَّهُ لِي صَدِيقٌ فَأَسْأَلُهُ أَنْ يَصْنَعَ لَكَ عِنْدَ الْمَلِكِ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ خَيْرٍ وَيُعَظِّمُ خَطَرَكَ ومنزلتك عنده.

[1] في المطبوع «مكتوم» .
[2] في المطبوع عقب «إلا» .
[3] في المطبوع «نفير» .
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست