responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 240
عَنِ الْعَظْمِ حَتَّى لَا تَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الشَّوَى الْآرَابُ الْعِظَامُ، فَقَوْلُهُ نَزَّاعَةً قال:
تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم.
وقوله تعالى: تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعى أَيْ تَدْعُو النَّارُ إِلَيْهَا أَبْنَاءَهَا الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ لَهَا، وَقَدَّرَ لَهُمْ أَنَّهُمْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ عَمَلَهَا، فَتَدْعُوهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِسَانٍ طَلِقٍ ذَلِقٍ [1] ثُمَّ تَلْتَقِطُهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَحْشَرِ كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الْحَبَّ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
كَانُوا مِمَّنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى أَيْ كَذَّبَ بِقَلْبِهِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ بِجَوَارِحِهِ وَجَمَعَ فَأَوْعى أَيْ جَمَعَ الْمَالَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَأَوْعَاهُ أَيْ أَوْكَاهُ وَمَنَعَ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَاتِ وَمِنْ إِخْرَاجِ الزكاة، وقد ورد في الحديث «لا تُوعِي فَيُوعِيَ [2] اللَّهُ عَلَيْكِ» [3] وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ لَا يَرْبُطُ لَهُ كِيسًا وَيَقُولُ:
سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: وَجَمَعَ فَأَوْعى وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَا ابْنَ آدَمَ سَمِعْتَ وَعِيدَ اللَّهِ ثُمَّ أَوْعَيْتَ الدُّنْيَا. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: وَجَمَعَ فَأَوْعى قَالَ: كَانَ جَمُوعًا قَمُومًا لِلْخَبِيثِ.

[سورة المعارج (70) : الآيات 19 الى 35]
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (23)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (33)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (34) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْإِنْسَانِ وَمَا هُوَ مَجْبُولٌ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الدَّنِيئَةِ إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً أَيْ إِذَا مسه الضُّرُّ فَزِعَ وَجَزِعَ وَانْخَلَعَ قَلْبُهُ مِنْ شِدَّةِ الرُّعْبِ، وَأَيِسَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرٌ وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً أَيْ إِذَا حَصَلَتْ لَهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ بَخِلَ بِهَا على غيره، ومنع حق الله تعالى فِيهَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [4] : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ: شُحٌ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ» [5] وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح عن أبي

[1] لسان طلق ذلق: أي فصيح بليغ.
[2] أوعى: أي جعل الشيء في الوعاء، والمقصود هنا: منع الفضل عمن يحتاجه، ومعنى يوعي عليك: أي يمنعك فضله كما منعت.
[3] أخرجه البخاري في الزكاة باب 22، ومسلم في الزكاة حديث 88، 89.
[4] المسند 2/ 320.
[5] أخرجه أبو داود في الجهاد باب 21.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست