responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 120
عند ما باشروا من عذاب الله تعالى مَا لَا قِبَلَ لِأَحَدٍ بِهِ فَمَقَتُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ وَأَبْغَضُوهَا غَايَةَ الْبُغْضِ بِسَبَبِ مَا أَسْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ دُخُولِهِمْ إِلَى النَّارِ فَأَخْبَرَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ إخبارا عاليا نادوهم نداء بأن مقت الله تعالى لَهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ كَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ فَيَكْفُرُونَ أَشَدُّ مِنْ مَقْتِكُمْ أَيُّهَا الْمُعَذَّبُونَ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ في قوله تعالى: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ يَقُولُ لَمَقْتُ اللَّهِ أَهْلَ الضَّلَالَةِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ فِي الدُّنْيَا فَتَرَكُوهُ وَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهُ أَكْبَرُ مِمَّا مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ حِينَ عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [1] ، وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وذر بن عبيد اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أسلم وابن جرير الطبري رحمة الله عليهم أجمعين. وَقَوْلِهِ: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الْبَقَرَةِ: 28] وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو مَالِكٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مِرْيَةَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ أُمِيتُوا فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أُحْيَوْا فِي قُبُورِهِمْ فَخُوطِبُوا، ثُمَّ أُمِيتُوا ثُمَّ أُحْيَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ:
أُحْيَوْا حِينَ أخذ عليهم الميثاق من صلب آدم عليه السلام ثُمَّ خَلَقَهُمْ فِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ أَمَاتَهُمْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَانَ الْقَوْلَانِ مِنَ السُّدِّيِّ وَابْنِ زَيْدٍ ضَعِيفَانِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا عَلَى مَا قَالَا ثَلَاثُ إِحْيَاءَاتٍ وَإِمَاتَاتٍ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ وَهُمْ وُقُوفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عرصات القيامة كما قال عز وجل: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ [السَّجْدَةِ: 12] فَلَا يُجَابُونَ ثُمَّ إِذَا رَأَوُا النَّارَ وَعَايَنُوهَا وَوَقَفُوا عَلَيْهَا وَنَظَرُوا إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ سَأَلُوا الرَّجْعَةَ أَشَدَّ مِمَّا سَأَلُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَا يُجَابُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [الْأَنْعَامِ: 27- 28] فَإِذَا دَخَلُوا النَّارَ وَذَاقُوا مَسَّهَا وَحَسِيسَهَا وَمَقَامِعَهَا وَأَغْلَالَهَا كَانَ سُؤَالُهُمْ لِلرَّجْعَةِ أَشَدَّ وَأَعْظَمَ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فَاطِرٍ: 37] رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ [الْمُؤْمِنُونَ: 107- 108] .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَلَطَّفُوا فِي السُّؤَالِ وَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ كلامهم مقدمة وهي قولهم

[1] انظر تفسير الطبري 11/ 43.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست