responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 12
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ، عَلَى كُرْهٍ مِنْ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَذَلِكَ هُمْ كَارِهُونَ لِلْقِتَالِ فَهُمْ يُجَادِلُونَكَ فِيهِ بَعْدَ مَا تبين لهم. ثم روي عن مجاهد نحوه أَنَّهُ قَالَ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ قَالَ كَذَلِكَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى بَدْرٍ وَمُجَادَلَتِهِمْ إِيَّاهُ، فَقَالَ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ [2] وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ مُجَادَلَةً كَمَا جَادَلُوكَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالُوا أَخْرَجْتَنَا لِلْعِيرِ وَلَمْ تُعْلِمْنَا قِتَالًا فَنَسْتَعِدُّ لَهُ.
قُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ طَالِبًا لِعِيرِ أَبِي سُفْيَانَ الَّتِي بَلَغَهُ خَبَرُهَا أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنَ الشَّامِ فِيهَا أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ لِقُرَيْشٍ فَاسْتَنْهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ خَفَّ مِنْهُمْ فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَطَلَبَ نَحْوَ السَّاحِلِ مِنْ عَلَى طَرِيقِ بَدْرٍ، وَعَلِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِ، فَبَعَثَ ضَمْضَمَ بْنَ عمرو نذيرا إلى أهل مَكَّةَ، فَنَهَضُوا فِي قَرِيبٍ مِنْ أَلْفِ مُقَنَّعٍ مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ وَتَيَامَنَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ فَنَجَا وَجَاءَ النفير فوردوا ماء بدر، وجمع الله بين الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَصْرِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَالْغَرَضُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ خُرُوجُ النَّفِيرِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَعِدُهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا الْعِيرَ وَإِمَّا النَّفِيرَ، وَرَغِبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْعِيرِ لِأَنَّهُ كَسْبٌ بِلَا قِتَالٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ «إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلَةٌ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ قَبْلَ هَذِهِ الْعِيرِ لَعَلَّ الله أن يُغْنِمُنَاهَا؟» فَقُلْنَا نَعَمْ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ لَنَا «مَا تَرَوْنَ فِي قِتَالِ الْقَوْمِ فَإِنَّهُمْ قَدْ أُخْبِرُوا بِمَخْرَجِكُمْ؟» فَقُلْنَا لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ وَلَكِنَّا أَرَدْنَا الْعِيرَ، ثُمَّ قَالَ «مَا تَرَوْنَ فِي قِتَالِ الْقَوْمِ؟» فَقُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إذًا لَا نَقُولُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ

[1] تفسير الطبري 6/ 181.
[2] تفسير الطبري 6/ 181.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست