responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 542
8] ، حديث أسماء بنت الصديق في ذلك.
وَقَوْلُهُ: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ كَقَوْلِهِ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ [فصلت: 46 والجاثية: 15] وَنَظَائِرُهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ.
وَقَوْلُهُ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: نَفَقَةُ الْمُؤْمِنِ لِنَفْسِهِ وَلَا يُنْفِقُ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَنْفَقَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ الخراساني: يعني إذا عطيت لِوَجْهِ اللَّهِ فَلَا عَلَيْكَ مَا كَانَ عَمَلُهُ. وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ إِذَا تَصَدَّقَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَلَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِمَنْ أَصَابَ أَلِبَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ أَوْ مُسْتَحَقٍّ أو غيره، وهو مُثَابٌ عَلَى قَصْدِهِ، وَمُسْتَنَدُ هَذَا تَمَامُ الْآيَةِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ وَالْحَدِيثُ الْمُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [1] مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ الليلة على غني، قال: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بصدقة، فخرج فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ وَعَلَى سَارِقٍ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ أَنْ يَسْتَعِفَّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ» .
وَقَوْلُهُ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني المهاجرين الذين انْقَطَعُوا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَسَكَنُوا الْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ لَهُمْ سَبَبٌ يَرُدُّونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ما يغنيهم ولا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَعْنِي سَفَرًا لِلتَّسَبُّبِ فِي طَلَبِ الْمَعَاشِ وَالضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ هُوَ السَّفَرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النِّسَاءِ: 101] وَقَالَ تَعَالَى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الْمُزَّمِّلِ: 20] .
وَقَوْلُهُ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ أَيِ الْجَاهِلُ بِأَمْرِهِمْ وَحَالِهِمْ يَحْسَبُهُمْ أَغْنِيَاءَ مِنْ تَعَفُّفِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَحَالِهِمْ وَمَقَالِهِمْ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الْحَدِيثُ الْمُتَّفِقُ عَلَى صِحَّتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ [2] مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا.

[1] أخرجه مسلم (زكاة حديث 78) والنسائي (زكاة باب 47) وأحمد في المسند (ج 2 ص 322) . [.....]
[2] المسند (ج 2 ص 316) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 542
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست