responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 24
«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلَهُ مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، ثُمَّ قَالَ: هَذَا لِي وَلَهُ مَا بَقِيَ. وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ [1] .

الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْفَاتِحَةِ مِنْ وُجُوهٍ
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ أَطْلَقَ فِيهِ لَفْظَ الصَّلَاةِ، وَالْمُرَادُ الْقِرَاءَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا [الْإِسْرَاءِ: 110] أَيْ بِقِرَاءَتِكَ كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَكَذَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» ثُمَّ بين تفضيل هذه القسمة في قراءة الفاتحة فَدَلَّ عَلَى عِظَمِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا من أكبر أركانها إذا أُطْلِقَتِ الْعِبَادَةُ وَأُرِيدَ بِهَا جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْهَا هو الْقِرَاءَةُ، كَمَا أَطْلَقَ لَفْظَ الْقِرَاءَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي قَوْلِهِ: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الْإِسْرَاءِ: 78] وَالْمُرَادُ صَلَاةُ الْفَجْرِ كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ اتِّفَاقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ نَذْكُرُهَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ أَمْ تُجْزِئُ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ مَهْمَا قَرَأَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ فِي الصَّلَاةِ وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [الْمُزَّمِّلِ: 20] وَبِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» قَالُوا فَأَمَرَهُ بِقِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْفَاتِحَةَ وَلَا غَيْرَهَا فدل على ما قلنا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَتَعَيَّنُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا، وَهُوَ قَوْلُ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابُهُمْ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» وَالْخِدَاجُ هُوَ النَّاقِصُ كَمَا فَسَّرَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ «غَيْرُ تَمَامٍ» وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ خزيمة وابن حبان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها فيها بأم القرآن»

[1] العبارة الأخيرة هي من قول الحافظ ابن كثير لا من قول الطبري، فتنبّه.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست