نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 3 صفحه : 178
وليس هذا الخلاف مقصور على هذه الكلمة، بل إذا التقى ساكنان من كلمتين؛ وضُمَّ الثالث ضمَّاً لازماً نحو: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ} [الأنعام: 10] {قُلِ ادعوا} [الإسراء: 110] ، {وَقَالَتِ اخرج} [يوسف: 31] ، جرى الخلاف المذكور، إلاَّ أنَّ أبا عمرو خرج عن أصله في {أَو} [المزمل: 3] و {قُلِ ادعوا} [الإسراء: 110] فضمَّهما، وابن ذكوان خرج عن أصله، فكسر التنوين خاصَّة؛ نحو {مَحْظُوراً انظر} [الإسراء: 20 - 21] واختلف عنه في {بِرَحْمَةٍ ادخلوا} [الأعراف: 49] {خَبِيثَةٍ اجتثت} [إبراهيم: 26] فمن كسر، فعلى أصل التقاء الساكنين، ومن ضمَّ، فلإتباع، وسيأتي بيان الحكمة في ذلك. عند0 ذكره، إن شاء الله - تعالى - والله أعلم. قوله: «غَيْرَ باغٍ» : «غَيْرَ» : نصب على الحال، واختلف في صاحبها: فالظاهر: أنه الضمير المستتر [في «اضْطُرَّ» ] ، وجعله القاضي، وأبو بكر الرازيُّ من فاعل فعل محذوف بعد قوله «اضْطُرَّ» ؛ قالا: تقديره: «فَمَنَ اضْطُرَّ فَأَكَلَ غَيْرَ بَاغٍ» ؛ كأنهما قصَدَا بذلك أن يجعلاه قيداً في الأكل لا في الاضطرار. قال أبو حيَّان: ولا يتعيَّن ما قالاه؛ إذ يحتمل أن يكون هذا المقدَّر بعد قوله {غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} بل هو الظاهر والأولى؛ لأنَّ في تقديره قبل «غَيْرَ بَاغٍ» فضْلاً بين ما ظاهره الاتصال فيما بعده، وليس ذلك في تقديره بعد قوله: «غَيْرَ بِاغٍ» . و «عَادٍ» : اسم فاعل من: عَدَا يَعْدُو، إذا تجاوز حدَّه، والأصل: «عَادِوٌ» فقلب الواو ياءً؛ لانكسار ما قبلها؛ كغاز من الغزو، وهذا هو الصحيح؛ وقيل: إنَّه مقلوب من، عاد يعود، فهو عائدٌ، فقدِّمت اللام على العين، فصار اللَّفظ «عَادِوٌ» فأعلَّ بما تقدَّم، ووزنه «فَالِعٌ» ؛ كقولهم: «شَاكٍ» في «شَائِكٍ» من الشَّوكة، و «هارٍ» ، والأصل «هَائِر» ، لأنَّه من: هَارَ يَهُورُ. قال أبُو البَقَاءِ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: «ولو جاء في غير القرآن الكريم منصوباً، عطفاً على موضع» غَيْرَ «جاز» ، يعني: فكان يقال: «وَلاَ عَادِياً» . قوله: «اضْطُرَّ» أُحْوِجَ وأُلْجِىءَ، فهو: «افْتُعِلَ» من الضَّرورة، وأصله: من الضَّرر، وهو الضِّيق، وهذه الضَّرورة لها سببان: أحدهما: الجوع الشَّديد، وألاَّ يجد مأكولاً حلالاً يسدُ به الرَّمَق، فيكون عند ذلك مضطراً. والثاني: إذا أكره على تناوله.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 3 صفحه : 178