responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 318
التَّحْذِيرِ هُنَا وَالِاتِّقَاءِ- مِنَ الْفِتْنَةِ فَأَكَّدَ الْأَمْرَ بِاتِّقَائِهَا بِنَهْيِهَا هِيَ عَنْ إِصَابَتِهَا إِيَّاهُمْ، لِأَنَّ هَذَا النَّهْيَ مِنْ أَبْلَغِ صِيَغِ النَّهْيِ بِأَنْ يُوَجِّهَ النَّهْيَ إِلَى غَيْرِ الْمُرَادِ نَهْيُهُ تَنْبِيهًا لَهُ عَلَى تَحْذِيرِهِ مِنَ الْأَمْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي اللَّفْظِ، وَالْمَقْصُودُ تَحْذِيرُ الْمُخَاطَبِ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ لِأَنَّ نَهْيَ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي صِيغَةِ النَّهْيِ يَسْتَلْزِمُ تَحْذِيرَ الْمُخَاطَبِ فَكَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ نَهْيَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ:
لَا أَعْرِفَنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا، فَإِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ الْمُتَكَلِّمُ نَفْسُهُ عَنْ فِعْلِ الْمُخَاطَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ [الْأَعْرَاف: 27] وَيُسَمَّى هَذَا بِالنَّهْيِ الْمُحَوَّلِ، فَلَا ضَمِيرَ فِي النَّعْتِ بِالْجُمْلَةِ الطَّلَبِيَّةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةَ: لَا تُصِيبَنَّ نَهْيًا مُسْتَأْنَفًا تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ بِاتِّقَائِهَا مَعَ زِيَادَةِ التَّحْذِيرِ بِشُمُولِهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الظَّالِمِينَ.
وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ جُمْلَةِ: لَا تُصِيبَنَّ جَوَابًا لِلْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ: الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَإِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ لَوْ قَالَ: «لَا تُصِيبَنَّكُمْ» كَمَا يَظْهَرُ
بِالتَّأَمُّلِ، وَقَدْ أَبْطَلَ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» جَعْلَ (لَا) نَافِيَةً هُنَا، وَرَدَّ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ تَجْوِيزَهُ ذَلِكَ.
وخَاصَّةً اسْمُ فَاعِلٍ مُؤَنَّثٍ لِجَرَيَانِهِ عَلَى فِتْنَةً فَهُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ تُصِيبَنَّ وَهِيَ حَالٌ مُفِيدَةٌ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ مِنَ التَّحْذِيرِ.
وَافْتِتَاحُ جُمْلَةِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ بِفِعْلِ الْأَمْرِ بِالْعِلْمِ لِلِاهْتِمَامِ لِقَصْدِ شِدَّةِ التَّحْذِيرِ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الْأَنْفَال:
24] وَالْمَعْنَى أَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنْ يُخَالِفُ أَمْرَهُ، وَذَلِكَ يَشْمَلُ مَنْ يُخَالِفُ الْأَمر بالاستجابة.
[26]

[سُورَة الْأَنْفَال (8) : آيَة 26]
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)
عُطِفَ عَلَى الْأَمْرِ بِالِاسْتِجَابَةِ لِلَّهِ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَعَلَى إِعْلَامِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ نِيَّاتُهُمْ، وَعَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ فِتْنَةِ الْخِلَافِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست