responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 152
الْحُصُولِ، لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ وَلَكِنْ لَا يَخْلُو حَالُهُمْ عَنْ أَحَدِهِمَا.
وَفُصِلَتْ جُمْلَةُ قالُوا لِوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ الْمُحَاوَرَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَيْ قَالَ الْمُخَاطَبُونَ بِ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً إِلَخْ.
وَالْمَعْذِرَةُ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الذَّالِ- مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِفِعْلِ (اعْتَذَرَ) عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ،
وَمَعْنَى اعْتَذَرَ أَظْهَرَ الْعُذْرَ- بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الذَّالِ- وَالْعُذْرُ السَّبَبُ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الْمُؤَاخَذَةُ بِذَنْبٍ أَوْ تَقْصِيرٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُجَّةِ الَّتِي يُبْدِيهَا الْمُؤَاخَذُ بِذَنْبٍ لِيُظْهِرَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ، أَوْ مُتَأَوِّلٌ فِيهِ، وَيُقَالُ: عَذَرَهُ إِذَا قَبِلَ عُذْرَهُ وَتَحَقَّقَ بَرَاءَتَهُ، وَيُعَدَّى فِعْلُ الِاعْتِذَارِ بِإِلَى لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِنْهَاءِ وَالْإِبْلَاغِ.
وَارْتَفَعَ مَعْذِرَةً عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ السَّائِلَيْنِ لِمَ تَعِظُونَ وَالتَّقْدِيرُ مَوْعِظَتُنَا مَعْذِرَةٌ مِنَّا إِلَى اللَّهِ.
وبالرفع قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ أَيْ وَعَظْنَاهُمْ لِأَجْلِ الْمَعْذِرَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِلِاسْتِمْرَارِ عَلَى الموعظة أَي رَجَاء لِتَأْثِيرِ الْمَوْعِظَةِ فِيهِمْ بِتَكْرَارِهَا.
فَالْمَعْنَى: أَنَّ صُلَحَاءَ الْقَوْمِ كَانُوا فَرِيقَيْنِ. فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَيِسَ مِنْ نَجَاحِ الْمَوْعِظَةِ وَتَحَقَّقَ حُلُولَ الْوَعِيدِ بِالْقَوْمِ، لِتَوَغُّلِهِمْ فِي الْمَعَاصِي، وَفَرِيقٌ لَمْ يَنْقَطِعْ رَجَاؤُهُمْ مِنْ حُصُولِ أَثَرِ الْمَوْعِظَةِ بِزِيَادَةِ التَّكْرَارِ، فَأَنْكَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي اسْتِمْرَارَهُمْ عَلَى كُلْفَةِ الْمَوْعِظَةِ. وَاعْتَذَرَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِقَوْلِهِمْ: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَخَذُوا بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ الْمُوجِبِ لِلظَّنِّ. وَالْفَرِيقُ الثَّانِي أَخَذُوا بالطرف الْمَرْجُوح جمعيا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاجِحِ لِقَصْدِ الِاحْتِيَاطِ، لِيَكُونَ لَهُمْ عُذْرًا عِنْدَ اللَّهِ إِنْ سَأَلَهُمْ لماذَا أَقْلَعْتُمْ عَنِ الْمَوْعِظَةِ وَلِمَا عَسَى أَنْ يَحْصُلَ مِنْ تَقْوَى الْمَوْعُوظِينَ بِزِيَادَةِ الْمَوْعِظَةِ، فَاسْتِعْمَالُ حَرْفِ الرَّجَاءِ فِي مَوْقِعِهِ، لِأَنَّ الرَّجَاءَ يُقَالُ عَلَى جِنْسِهِ بِالتَّشْكِيكِ فَمِنْهُ قَوِيٌّ وَمِنْهُ ضَعِيفٌ.
وَضَمِيرُ نَسُوا عَائِدٌ إِلَى قَوْماً وَالنِّسْيَانُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِعْرَاضِ الْمُفْضِي إِلَى النِّسْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست